منذ تخرجه في جامعة ستانفورد العريقة في أمريكا ، أم […]
منذ تخرجه في جامعة ستانفورد العريقة في أمريكا ، أم الجامعات كما يُقال عنها دائماً ، لم يحب الشاب كيفين سيستروم أن ينخرط في الوظيفة.
الواقع أن تلك الفترة، نهاية العقد الأول من الألفينات، كان العالم يعج بظاهرة ريادة الأعمال بشكل واسع، مع ظهور نموذج فيسبوك وتويتر وغيرها من الشركات الناشئة.
لذلك، قرر الشاب أن يبدأ مشروعه الناشئ مباشرة، خصوصا في مجال السوشيال ميديا ، المجال الذي كان مشتعلاً في ذلك الوقت.
بدايات فاشلة:
في ملطع العام 2010، تقدم الشاب الواعد لطلب تمويل لتأسيس شركته الناشئة التي أطلق عليها اسم Burbn. كانت شركة متخصصة في تطوير تطبيق تواصل اجتماعي لتحديد المواقع الجغرافية المحيطة ، وكان يطمح لمنافسة تطبيق فورسكواير Foursquare ، ويقدم نموذج تنافسي جيد.
بالفعل ، استطاع الشاب حصد تمويل مبدئي قيمته 500 ألف دولار من بعض المؤسسات وصناديق الاستثمار الجريء، وأطلق مشروعه الناشئ وهو مليء بالحماس والطموح.
ولكن، وبعد اطلاق التطبيق بعد شهور ، تبين أنه فشل فشلاً ذريعاً في تقديم اي منافسة، بل بدا كأنه لم يستخدمه أحد سوى بعض أصدقاء كيفين، على الرغم من اطلاقه حملة تسويق واشهار كبيرة.
وفي النهاية ، حتى أصدقاءه أخبروه انه تطبيق فاشل ، وقال له أحد اصدقاءه المقربين: يارجل ، هذا تطبيق فاشل تماماً. هراء كامل !
كانت هذه هي أول صدمة ثقيلة يتلقاها الشاب المتحمس، ولكنه لم ينهزم تماماً.
فقط، فكّر في اعادة المحاولة، كأي شخص يسعى وراء النجاح فعلاً.
ظهور الانستغرام:
بعد شهور من فشل التطبيق، قرر كيفن بالتعاون مع صديقه مايك إنهاء التطبيق وعدم الاستمرار فيه، وتوفير ما تبقي من تمويل حصلا عليه، لإطلاق تطبيق آخر في مجال التواصل الاجتماعي أيضاً.
كانت فكرة كيفين ومايك هو إطلاق تطبيق تواصل اجتماعي متخصص لمشاركة الصور.
ومع وجود تطبيقات اخرى مثل فيسبوك وفليكر ، كانت الثغرة التي دعمت فكرتهما ، هو صعوبة رفع الصور في فيسبوك وفليكر – آنذاك – واستغراقها وقت اطول ، ومتطلبات غير مرنة لرفع الصور عبر الهواتف.
خلال شهرين اثنين، وبنهاية العام 2010 ، أطلق الصديقان تطبيق جديد لمشاركة الصور ، وعالجوا صعوبة رفع الصور ومشاركتها لتصبح شديدة السهولة والسلاسة ، وقرر كلاههما اطلاق اسم ” انستغرام ” على تطبيقهما الجديد.
لم يمر يوم واحد فقط، منن اطلاق النسخة الاولية من التطبيق عبر هواتف ايفون ، الا وتم تسجيل قرابة 100 مستخدم.
بعد مرور اسبوعين فقط، كان عدد مستخدمي التطبيق قد تجاوز الخمسين ألفاً ، في نمو هائل للتطبيق.
ومع اطلاق سلسلة من التحسينات للتطبيق الواعد، مثل ربطه بإضافات مختلفة ، وايصاله بمزايا لتحسين الصور ، وربطه بشبكة فورسكوير لتحديد الأماكن ، وصل عدد مستخدمي التطبيق الى مليون مستخدم بعد مرور ربع عام من إطلاقه.
نمو صاروخي:
ركز كيفين وصديقه مايك على النمو السريع للتطبيق من خلال تحسين خصائصه الفنية المباشرة، مثل سرعة رفع الصور، وسهولة التقاط الصور ، وتطوير فلاتر التطبيق لتحسين الصور بأشكال خلابة، وبطرق تعديل سهلة ومرنة لا تستهلك وقتا، ثم رفعها بشكل سريع.
هذا التطوير زاد من إقبال المستخدمين، حيث قارب عدد المستخدمين حوالي مليوني مستخدم خلال اربعة أشهر ، بمعدل رفع صور قدر بحوالي 300 ألف صورة يوميا آنذاك.
كان من البديهي ان يحقق هذا النمو إمكانية أكبر للحصول على جولات تمويلية تزيد من قاعدة المستخدمين وتطوير المنتج، فحصلت شركة انستغرام على تمويل قيمته 7 ملايين دولار من صناديق استثمار ومستثمرين أفراد ، ليتجاوز عدد المستخدمين سقف ال6 ملايين مستخدم بمنتصف العام 2011.
وفي نهاية العام 2011، اي بعد مرور عام من اطلاق الانستغرام، وصل نمو التطبيق الى تسجيل نصف مليون مستخدم جديد يومياً، وهو ما اعتبر من اسرع وسائل التواصل الاجتماعي نموا في تلك الفترة.
الاستحواذ:
بنهاية الربع الأول من العام 2012 ، كانت قيمة تطبيق انستغرام قد قفزت لتصبح حوالي 500 مليون دولار ، مع تجاوز عدد مستخدمي التطبيق الى حوالي 30 مليون مستخدماً.
هذا النمو الضخم، أهل انستغرام لتصبح واحدة من اسرع الشركات الناشئة نموا في تلك الفترة، وتمثل خطراً كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي الكبيرة آنذاك ، وعلى رأسها الفايسبوك.
وجد الفيسبوك انه، اذا لم يتم الاستحواذ على انستغرام ، فسوف يتحول الى خصم قوي يسحب منه مستخدميه المباشرين.
لذلك، تقدم الفايسبوك بعرض استحواذ قيمته مليار دولار للاستحواذ على انستغرام ، وهو ما اعتبر من اكبر صفقات الاستحواذ التي شهدها العالم التقني خلال 2012.
وانضم الانستغرام الى فايسبوك ، ليصبح لاحقا في السنوات التالية ، واحداً من أهم أذرع النمو لشبكة فايسبوك ، مع تحول انستغرام الى منصة التواصل الاجتماعي الاولى الخاصة بالمشاهير والمؤثرين حول العالم.
مليار دولار حصدها كل من كيفين ومايك جراء تطوير تطبيق صغير ، خلال فترة لم تتجاوز العامين. صفقة رابحة بدون شك !
والأهم من ذلك، ان كلاهما لم يطوّر تطبيقا جديداً غير مسبوق من قبل ، بل فقط لاحظوا عيبا صغيراً في السوق ، وقاموا بإصلاح هذا العيب وتقديم منتج متميز ، حقق نموا كبيرا استحق ان يُباع بمليار دولار.. بعد 18 شهراً فقط من اطلاقه !