بعدما أثارت قضيتها جدلاً واسعاً في المغرب بسبب العقوبة المخفّفة التي أصدرتها محكمة البداية بحقّ المتّهمين الثلاثة باغتصابها، ما دفع محكمة الاستئناف في المغرب ليل الخميس- الجمعة إلى إصدر أحكام مشددة بالسجن بحق ثلاثة متهمين في هذا الملف الصادم، طفا إلى السطح بعض من كواليس الجلسة المغلقة التي عقدت أمس في الرباط.
وقبل بدء الجلسة ظهرت الضحية في بهو المحكمة برفقة والدها وجدّتها. وبدت صامتة “إذ ما تزال غير مستوعبة لكل ما حدث من هول الصدمة، رغم أنّها استعادت الابتسامة نسبيا”، وفق المسؤولة في جمعية “إنصاف” أمينة خالد التي تدعمها منذ علمها بالقضية.
لتدخل الصغيرة سناء البالغة حالياً 12 عاماً، والتي أصبحت أماً لطفل نتج عن اغتصابها، لاحقاً صامتة إلى قاعة المحكمة
ثم أكّدت خلال إدلائها بشهادتها في جلسة مغلقة أنّها تعرّضت للاغتصاب.
كما أيدت “كلّ الاتهامات التي وجههتها للمتهمين” سابقا، وفق ما أفاد محاميها محمد الصبار لوكالة فرانس برس.
في المقابل، أنكر المتّهمون الثلاثة الذين وقفوا أمام محكمة الاستئناف، مطأطئي الرؤوس قبل أن يستجوبهم القاضي، كلّ الجرائم التي أدينوا بارتكابها أمام محكمة البداية.
وحين واجه القاضي المتّهم الرئيسي بنتائج تحليل الحمض النووي للطفل الذي وضعته سناء، مؤكّداً أنّ هذه النتائج “أثبتت بنسبة 99 بالمئة” أنّه والد الطفل، اكتفى بالإجابة “لا أعلم”، رغم إلحاح القاضي عليه بوجوب إعطائه “جواباً منطقياً”.
إلى ذلك، شمل قرار عقد جلسة الاستماع المغلقة طفلة أخرى، هي شاهدة في القضية، حيث دام الاستماع إلى الطفلتين حوالي ساعة.
لتتواصل جلسة المحاكمة ليلاً، بقرار من المحكمة التي أصدرت لاحقا أحكاماً مشددة في القضية.
وحضر أكثر من 20 محامياً ونشطاء حقوقيون لمؤازرة الضحية في هذه القضية التي أثارت مطالب واسعة بإصلاحات تشريعية لتفادي “الإفلات من العقاب” في قضايا الاعتداءات الجنسية على الأطفال والنساء.
فيما جدّد محامو الطرف المدني في مرافعاتهم ملتمس تأييد الإدانة في حقّ المتّهمين لكن مع تشديد العقوبات.
وطلب محامي سناء من المحكمة أيضاً بأن “تقضي بتكفّل وزارة المرأة والأسرة والتضامن مادّياً بالضحية ورضيعها إلى أن تبلغ سنّ الرشد”.
يشار إلى أن وقائع هذه الجريمة التي هزت الرأي العام في المغرب تعود إلى العام الماضي، وكان عمر الطفلة يومها 11 عاماً حين تعرّضت لاغتصاب متكرّر نتج عنه حمل وولادة طفل.
واغتُصبت سناء في منطقة ريفية قرب مدينة تيفلت بضواحي العاصمة.
لكن بعدما تقدّمت عائلتها بشكوى، أدين في 20 مارس الماضي ثلاثة راشدين بتهمتي “التغرير بقاصر” و”هتك عرض قاصر بالعنف”.
إلا أن العقوبة لم تتجاوز السجن عامين لأحدهم و18 شهراً للآخرين، بالإضافة إلى تغريمهم تعويضات للضحية تناهز قيمتها 4800 دولار.
فأثار الحكم الذي كشفت عنه ناشطات حقوقيات حينها استياء واسعاً في البلاد باعتبار أنّ عقوبة الجريمتين التي دين بهما المتّهمون لا تقلّ عن السجن 10 أعوام، ويمكن أن تصل إلى السجن لمدّة 30 عاماً.