تونس الآن
لو حدثنا أحدهم ـ منذ شهر فقط ـ بما سيحظى به الثوم في تونس احتفاء بفيروس كورونا، أو احترازا منه لما صدقه أحد. عادة، يرتفع شأن هذا المنتوج قبيل شهر رمضان، أو حين يحين فصل إعداد مؤن الشتاء من التوابل – في بعض جهات الجمهورية – صيفا. غير أنّ حرص التونسي على السلامة من عدوى “كورونا” هذه الأيّام ألهب أسعار الثوم إلى ما فوق الخيال.
المعلوم أنّ احتياجات تونس السنوية من الثوم تتجاوز طاقة إنتاجها له، والسوق الإسبانية ثمّ الصينية والمصرية تستفيد من هذا الوضع. غير أنّ القفزة الهائلة الحالية لسعر الثوم الذي قفز من 5 الى 25 دينارا للكيلوغرام الواحد خلال أسبوعين، وشحّ السوق من هذا المنتوج جعل الثوم سيّد المنتوجات الفلاحية على الإطلاق، وتناسى التونسيّ تعفّفه من الرّائحة اللاذعة، واعتقد جازما ـ بما أوحى به المتطبّبون ـ أنّ “كورونا” سينتحر على سور الثوم العظيم ولن يتحمّل رائحته ربّما، أو لسعات طعمه، أو كثافة المكونات المقاومة للبكتيريا فيه.
في كلّ الأحوال، وبفضل “كورونا”، انتصر الثوم على المتأفّفين من سعره، والمتعفّفين من رائحته، وأكسب المهرّبين نقطة إضافية في جدول “وطنيّتهم” لو أنّهم اجتهدوا وهرّبوا لنا أكثر فأكثر ثوما، ثمّ ثوما، ثمّ ثوما… ثمّ ما شاؤوا بين ذلك مادام سعيهم سيكون مشكورا. وإن كان لأحدهم حاجة إلى التودّد إلى حبيب أساء التصرّف معه فلتكن هدية طلب السماح باقة من ثوم… ولن يخيب أمله مادام عطر الثوم قائما.