تونس الان تواصل الحكومة مجهودات تمويل الميزانية بالتداين الداخلي […]
- تونس الان
تواصل الحكومة مجهودات تمويل الميزانية بالتداين الداخلي بالدينار التونسي و لعل اخرها اصدار القسط الأول من القرض الوطني .
يأتي ذلك في ظل غياب حلول في الأفق المنظور لتمويل حاجيتها من العملة الصعبة والتي تم ضبطها بقانون المالية في حدود 7مليار دينار.
وقد كان من المتوقع عجز الدولة على تعبئة الموارد بالعملة الأجنبية نظرا لعديد العوامل الموضوعية أهمها على الاطلاق:
– تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.. مفاوضات مرتبطة بالأساس بقدرة الدولة على القيام بالإصلاحات المطلوبة للحصول على موافقة الصندوق والتي تعتبر تأشيرة الحصول على القروض من الممولين الأجانب ومن السوق العالمي
– تدهور تصنيف السيادي للبلاد مما يجعل اللجوء للسوق العالمية مغامرة محفوفة بالمخاطر لارتفاع نسبة الفائدة وغياب ضمان دولي.
أمام هذه الوضعية تبدو خيارات الدولة لتعبئة الموارد الخارجية خلال سنة ضئيلة 2022 نسبيا وهو ما يترتب عنه إيجاد صيغ غير تقليدية.
في هذا الاطار تجدر الإشارة الى أن البنك المركزي التونسي ما فتئ عبر بلاغاته يشيد بتطور مداخيل التشغيل وهي توصيف تقني لتحويلات التونسيين بالخارج التي بلغت مستوى قياسيا خلال سنة 2021 وكانت في حدود 8600 مليار دينار مقارنة بسنة 2020 الذي بلغت خلاله 6660 مليون دينار ولم تتجاوز 5000 مليون دينار خلال سنة 2019.
وقد ساهم التطور القياسي لتحويلات التونسيين بالخارج خلال الفترة الأخيرة في تدعيم موجودات البلاد من العملة الصعبة خاصة أمام تراجع عائدات السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، ولئن لم يوضح البنك المركزي دواعي هذا التطور فقد مثل نقطة إيجابية من الممكن استغلالها لتمويل الميزانية بالعملة.
وبغض النظر عن الأسباب التي تفسر هذا الارتفاع والتي من الواجب تحليلها بكل عناية، فإنه – واعتبارا للضغوط التي ستواجهها الدولة لسداد الدين الخارجي بالعملة وتمويل عمليات التوريد التي تقوم بها في مجالات حيوية كالنفط والحبوب والأدوية خاصة مع الارتفاع القياسي للأسعار بالأسواق العالمية – يمكن للدولة أن تستغل تدفق أموال التونسيين بالخارج وتبادر وبصفة عاجلة بإصدار قرض وطني بالعملة موجه لهم بعد درس شروطه بإتقان والتسويق له بإحكام ليكون جذابا لهذه الفئة.
واعتقادنا أن هذه الالية ستمثل متنفسا وقتيا للضغوط التي تشهدها المالية العمومية لكنها لن تمثل حلا هيكليا يمكن التعويل عليه في المدى المتوسط وحتى القريب، فلا مناص من تأشيرة صندوق النقد الدولي وللحصول عليها لا مناص من الإصلاحات التي ستكون مؤلمة حتما.
لكن في انتظار تلك الإصلاحات يمكن القول ان حكومتنا الغراء ينطبق عليها المثل القائل “الماء حذاها والعطش قاتلها”
محمد بن محمود