ثقافة: توفيت أيقونة الرّقص الشعبي في تونس، شادلية بوزيان، المعروفة باسم "عزيزة" وشكلت ثنائيا مع شقيقتها "زينة"و
توفيت أيقونة الرّقص الشعبي في تونس، شادلية بوزيان، المعروفة باسم “عزيزة“ وشكلت ثنائيا مع شقيقتها “زينة”و
شاذلية ومحبوبة بوزيان، أو “زينة وعزيزة”، أختان امتهنتا الرقص الشعبي، سطع نجمهما في خمسينات القرن الماضي.
“زينة وعزيزة”صارتا في فترة معينة من التاريخ من نجوم “الكافيشانطات”، أي قاعات السهر الليلية المنتشرة آنذاك في العاصمة تونس وخاصة في باب السويقة، كصالات “الفتح” و”قرطبة” و”ألف ليلة وليلة”، وهي صالات تعود إلى منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، وكانت تستقبل نجوم الفن الشعبي لإحياء حفلات ظلت الإذاعة الوطنية تنقلها حتى منتصف التسعينيات.
خلال مسيرتهما، أحيت الراقصتان حفلات في مسارح تونس، كالمسرح البلدي في وسط العاصمة وقاعة البالماريوم سابقاً، كما رقصتا أمام “كوكب الشرق” أم كلثوم على هامش حفل أحيته في صالة القبة في تونس عام 1968، وعلى خشبات مسارح عربية وعالمية.
كانت بداية زينة وعزيزة مع الرقص في الخمسينيات، بحسب العضو السابق لـ”الفرقة الوطنية للرقص الشعبي” حمادي الغربي.
واكتسبتا “زينة وعزيزة” جمهوراً عريضاً لتميزهما بأسلوب جديد عن راقصات سبقنهما مثل عايشة ومامية اللتين أفل نجمهما بعد تقدمهما في العمر وظهور المنافستين الجديدتين.
شاذلية ومحبوبة بوزيان، اللتان عُرفتا في ما بعد بزينة وعزيزة، تميزتا بجمال كبير، لكن هذا لم يكن العامل الوحيد وراء شهرتهما، بل ما قامتا به من تطوير لحركات الرقص الشعبي الكلاسيكية وإظهارهما تناسقاً كبيراً على المسرح.
ويعود اكتشاف زينة وعزيزة إلى الموسيقار رضا القلعي الذي عمل على تطوير موهبتيهما. بداية، منحهما القلعي اسميهما الفنيين، ثم ضمهما إلى فرقته التي كانت تحيي السهرات في ذلك الوقت في قاعة “الفتح”، إحدى اشهر الكافيشانطات في الخمسينيات.
بعد ذلك، قدمهما القلعي إلى نجم الفن الشعبي إسماعيل الحطاب لتصبح الشقيقتان مشاركتين ثابتتين في كل عروضه ومن ثم حديث منطقة باب السويقة، إلى أن وصل صدى موهبتيهما إلى رئيس البلاد في ذلك الحين الحبيب بورقيبة.
وكشف الغربي عن أن بورقيبة قرر بعد الاستقلال إخراج الرقص الشعبي والسهرات الفنية من الدائرة الضيقة لكافيشانطات العاصمة للمشاركة في المهرجانات، وبالفعل جالت الراقصتان البلاد بطولها وعرضها بصحبة الحطاب، وهو ما زاد من شهرتهما قبل أن تقررا الانتقال إلى “الفرقة الوطنية للفنون الشعبية” مع الراقص الشهير حمادي اللغبابي.
هناك أصبح الرقص ضمن إطار جماعي منظم، وفُتحت أمامهما أبواب العالمية بعد اعتلائهما كل المسارح الوطنية.
وكان رئيس الجمهورية بعد الاستقلال مغرماً برقص زينة وعزيزة اللتين كانتا تحييان له سهرات خاصة في قصره كما كان يصطحبهما في رحلات إلى الخارج لمقابلة نظرائه، وهو ما مكنهما من إحياء العديد من الحفلات في العالم قدمتا فيها صورة رائعة عن بلد عربي كان قد تحرّر لتوه من نير الاحتلال.
ولم تكتف زينة وعزيزة بالرقص الذي ساهم في انتشار اسميهما. عُرفتا أيضاً بصوتيهما الرائع وقد أنتجتا ألبوماً غنائياً لكنه لم يلقَ الرواج المطلوب، فقررتا خوض تجربة التمثيل السينمائي في فيلم “Goha” الذي شارك في بطولته النجمان العالميان عمر الشريف وكلاوديا كاردينال، وأخرجه جاك باراتي.
وتشير التقديرات إلى أن الراقصتين قررتا الاعتزال بعد تغيير النظام إثر انقلاب عام 1987 بقيادة زين العابدين بن علي. لم يكن الرئيس الجديد يكترث للثقافة، وتحديداً للفن الشعبي الذي أصبح شبه ممنوع على شاشات التلفزيون الرسمي في ذلك الوقت، وهو ما سرّع بأفول نجم الراقصتين اللتين قررتا الابتعاد شيئاً فشيئاً عن الواجهة وتخصيص المزيد من الوقت للعائلة.