بقلم: حافظ الغريبي عندما كثر الحديث عن ترشيح حركة النهضة […]
بقلم: حافظ الغريبي
عندما كثر الحديث عن ترشيح حركة النهضة رئيسها راشد الغنوشي لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2019، كنت شخصيا اول من خلُص للقول ان الغنوشي لا يرغب في رئاسة الجمهورية بل في رئاسة البرلمان.
قلت ذلك في مطلع 2019 لأني كنت أعلم جيدا ان شخصية الغنوشي ليست بالشخصية الوفاقية التي يمكن ان يجتمع حولها كل أنصاره فما بالك بأن يجتمع حولها كل التونسيين لذلك فمن المستحيل أن يترشح للرئاسة لأنه سيمنى بهزيمة نكراء ..لكن ذلك لم يكن يعني بالمرة ان عين الغنوشي لم تكن على قصر قرطاج لكن الطريق الوحيد السالك لقصر قرطاج هو عبر دفة رئاسة قصر باردو.
لذلك لم يتوان الغنوشي في التحالف مع خصومه وجلب سخط أنصاره لاعتلاء سدة قبة باردو، وعندما خططوا لإسقاطه ليلة عيد الأضحى اختار أن يدفع الثمن باهظا كي يظل رئيسا للبرلمان..
ورغم تقدمه في السن ورغم حالته الصحية ورغم كيل السباب والشتائم التي لو طالت من في سنه وموقعه لكان الموت أهون له.. رغم كل ذلك صمد ونكث وعده بالتخلي طوعا في مطلع السنة البرلمانية المنقضية بعد أن تأكد أن الأمر استتب له بدخول هشام المشيشي للقصبة.
فالسلطة التنفيذية باتت منذ سبتمبر 2020 بيده بعد أن نجح في افتكاك العصا التي كان الرئيس قيس سعيد يهددهم بها .. وقد ساهم قيس سعيد بصلابة موقفه في عزل نفسه بقصر قرطاج بعد ان رفض أي مبادرة للحوار ربما لأنه كان يعلم جيدا أن كلما توترت الأجواء كلما ازداد قربا للشعب الذي ضاق ذرعا بالبرلمان..
وفي الوقت الذي كان فيه قيس سعيد يصعّد ويضغط كان راشد الغنوشي يناور ويخطط بغاية اقصاء الرئيس تماما من المشهد الى أن حانت ساعة الصفر التي من المفترض أن تكون انطلاقتها بانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية ثم اعداد ملف طبي او لائحة لعزل الرئيس قيس سعيد غير ان هذا الأخير اختار أن “يتعشى بهم قبل أن يتسحروا به” كما يقول المثل التونسي..
واليوم وبمراجعة بسيطة لما حدث يتأكد أن الغنوشي أخطأ مرتين:
الأولى عندما منح الثقة لقيس سعيد في الانتخابات الرئاسية وظنّ انه لن يكون مخالفا لمن سبقوه.
والثانية عندما أساء تقدير صلابة قيس سعيد وظنّ أنه سهل المراس وانساق وراء طموحه الجارف وهو ان يكون رئيسا للتونسيين ولو ليوم واحد بعد ان يتم خلق الفراغ في قصر قرطاج..
لذلك صبر وصابر على الضغط المسلط عليه في رئاسة المجلس فقط لأنه كان يريد أن يكون رئيسا للتونسيين ويخرج من الباب الذي اختاره لنفسه بعد رصد الشباك الذي سيتسلل منه إلى مكتب رئيس الدولة..
لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ..واليوم والسفن تتقاذفها أمواج الرياح العاتية يبقى السؤال مطروحا:
هل ستتحطم السفن ويغرق من فيها أم إنهم سيخرجون من العاصفة سالمين؟
حافظ الغريبي