اختتمت رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان وبحضور وزيرة الثقافة حياة […]
اختتمت رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان وبحضور وزيرة الثقافة حياة قطاط القرمازي الدورة التأسيسية للمنتدى الدولي “إنسانيات” أمس السبت وذلك عبر حضورها لسهرة موسيقى المالوف بقيادة الفنان مكرم الانصاري مدير بيت المالوف ، والتي أٌقيمت بمركز الموسيقى العربيّة والمتوسّطيّة النجمة الزهراء.
وكان اليوم الختامي لــ”انسانيات” قد انطلق بحفل توزيع الجوائز التقديرية “المعرفة المشتركة” و”انسانيات” بجامعة منوبة وأسندت في هذا السياق جائزة المعرفة المشتركة للبحوث باللغة العربية للأستاذ الجامعي محمد صلاح الدين الشريف والذي قال عنه الدكتور شكري مبخوت قبل تسليمه الجائزة التقديرية إن تمكنه من النقد المزدوج للتراث والانسانيات كان وراء صياغته لنظرات فلسفية تحتاج إليها اللسانيات اليوم حتى لا تكون مجرد ممارسة تقنية اختبارية.
أمّا جائزة المعرفة المشتركة للبحوث باللغة الفرنسية فأسندت للمفكر والباحث حمادي الرديسي وذلك لتميز بحوثه في العلوم السياسية من مقاربات طريفة بين الدين والسلطة السياسية في العالم الإسلامي وطرح زوايا نظر متجددة في قضايا تحديث الإسلام لملائمته مع القيم الحديثة.
وحسب الجامعي شكري مبخوت، الذي اضطلع بمهمة الإعلان عن الفائزين فان بحوث حمادي الدريسي لا تعبر عن وعي حاد بمقتضيات الحداثة فلسفيا وأسسها المعرفية بقدر ما تعبر عن معرفة بالتراث والتاريخ العربي وكيفية تشكل النماذج السائدة إلى اليوم على نحو يضيء الكثير من مشاكل المسلمين في العالم المعاصر.
ومنح منتدى “إنسانيات” جائزتين أسندت الأولى للباحثة جوسلين دخلية وذلك لتقديمها صورة موضوعية تستند لأسس تاريخية وأنثروبولوجيا عن المسلمين في تاريخ أوروبا من مجرد الاتصال إلى الاندماج وكذلك عن أثر التفاعل الثقافي في حوض المتوسط في بناء تاريخ مشترك ولغة تخاطب مميزة علاوة على التفكيك النقدي لمفاهيم عن الإسلام والمسلمين والكليشيهات الاستشرافية وذلك ضمن رؤية إنسانية رحبة.
وتحصلت الباحثة في الفلسفة أولغا ليزيني بدورها على جائزة “إنسانيات” وذلك لعنايتها بجوانب من تاريخ الفلسفة العربية الإسلامية ووسائل “علم الكلام” خاصة وأنها تناولت هذه المجالات المعرفية من زاويتين، الأولى هي نقل النصوص التأسيسية إلى بعض اللغات الغربية وزاوية ثانية تتمثل في تنزيل هذا الفكر الفلسفي في تاريخ الميتافزيقيا ومسارات الفلسفة الكونية برؤية استيمولوجية واسعة.
وتجدر الإشارة إلى أن جائزة “المعرفة المشتركة” تسلمها جامعة منوبة في ختام الندوة الدولية متعددة الاختصاصات، التي تنظمها سنويا وهي جائزة تمنح لأكاديميين تونسيين وغير تونسيين ممّن كان لهم اسهامات في إحدى دوراتها…. وتزامنا مع تنظيم منتدى “انسانيات” ارتأت هيئة تنظيم المنتدى ضمّ الدورة التاسعة من الندوة الدولية متعددة الاختصاصات إلى برمجة الاختتام وإسناد أربع جوائز تقديرية وهما جائزتي “المعرفة المشتركة باللغتين العربية والفرنسية واستحداث جائزتين بعنوان منتدى “انسانيات”.
الجلسة الختامية لـ “انسانيات” من 20 إلى 24 سبتمبر 2022 كان محورها “كيف تساهم العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطوير المجتمع” وحضيت مداخلاتها باهتمام طلبة جامعة منوبة وعدد هام من الضيوف التونسيين والأجانب المشاركين في هذا الحدث الدولي العلمي والثقافي خاصة وأن أصحاب الورقات العلمية من أهم الأكاديميين في مجالهم وذلك إلى جانب إدارة الجلسة من طرف الباحثة في الدراسات التاريخية ليلى تميم بليلي وهي إحدى أهم السيدات المناضلات في الحركة النسوية التونسية وفي فترة السبعينات ضمن حركة “برسبكتيف” و”العامل التونسي”.
وشارك في الورقات العلمية لجلسة “كيف تساهم العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطوير المجتمع” عالم الرياضيات ومؤرخ العلوم الجزائري أحمد جبّار ممثلا عن جامعة العلوم والتكنولوجيا في ليل الفرنسية.
وتحدث الأستاذ أحمد جبار وهو مختصص في رياضيات الغرب المسلم عن ذاته أولا وتجربته الخاصة من أستاذ لمّادة علمية إلى باحث يخوض تجربة اكتشاف عالمه وجذوره.
وشدد الجامعي أحمد جبار على مكانة العلوم في المجتمع ومناهج التعليم خاصة وأنه سبق وتقلد منصب وزير التربية الوطنية في الجزائر ويرى أن التعمق في الجوانب التاريخية وابستمولوجيا العلوم تقود لفهم وتحليل هذه العلوم بدقة أكبر وأعمق.
بدوره ناقش المفكر والجامعي حمادي الرديسي أحد المتدخلين فيما يتعلق باعتماد اللغة الفرنسية خلال الجلسة الختامية – وفي مختلف مداخلاتها -وأوضح أن مستويات التخاطب عديدة وأننا كتونسيين “نشأنا في اللغات” وهذا التعدد اللغوي يثري معتبرا مسألة اختصار النقاش في لغة الخطاب إن كانت عربية، فرنسية أو انقليزية “ضيق النظر” من وجهة تفكيره فيما اختار أستاذ الدراسات العربية بجامعة ستراسبورغ الأكاديمي إريك فاليت المشاركة في نقاش لغة التخاطب وحاور المشاركين باللغة العربية في هذا السياق.
أسدل الستار على دورة تأسيسية من منتدى “إنسانيات” من 20 إلى 24 سبتمبر 2022 ، هذا الحدث الدولي، الذي جعل من تونس عاصمة للعلوم الإنسانية والاجتماعية بمشاركة أكثر من 1500 ضيف يمثلون أعرق جامعات العالم ويقدمون للبشرية أهم البحوث المتخصصة.
برمجة ثرية شكلت تصور “انسانيات” 2022 راوحت بين العلمي والثقافي فكانت جامعة منوبة ومدينة الثقافة الشاذلي القليبي فضاءات للتبادل الفكري والتفاعل المعرفي والإنساني.
أبحر الطلبة عميقا في معارف اقترحت في ندوات، جلسات وورشات تكوينية وتمتع المشاركون بشتى الفنون وعلوم الثقافة في بلادنا من معارض رقمية، فنون تشكيلية، مسرح، موسيقى ومهرجان لأفلام “إنسانيات” ولا يمكن في هذا التصور الملتزم فكريا وانسانيا أن لا تلعب مكونات المجتمع المدني دورا أساسيا عبر الحضور والمشاركة فكانت “إنسانيات” فرصة للقاء المتجدد بين الأكاديميين والفاعليين الثقافيين خاصة وأن ضمان الحريات الأكاديمية بعد 2011 ساهم في تقاطع قادة الفكر مع مجالات اهتمام ونضال منظمات المجتمع المدني ويمكن الإقرار بعد أكثر من عشرية كاملة من العمل المشترك وفي نفس الاتجاه أن رصيد البحوث الأكاديمية ودراسات وخبرات المجتمع المدني أًصبح يوفر أرضية مشتركة تضمن تواصل انفتاح البحث الاجتماعي والإنساني على الواقع والمجتمع.
المنتدى الدولي “إنسانيات” من 20 إلى 24 سبتمبر 2022 نظم ببادرة من جامعات منوبة وتونس وتونس المنار وبالتعاون مع مخابر بحث دولية وعدد من المؤسسات الجامعية والأكاديمية منها معهد البحوث المغاربية المعاصرة، “المجتمع ذو الاهتمام العلمي للشرق الاوسط والعوالم الإسلامية”، “جماعة البحث في الشرق الاوسط والعوالم الإسلامية” وعدد من الجمعيات الأكاديمية.
ولأن العلوم والمعرفة والفنون محرار لهذا الراهن وحراكه الاجتماعي تتطلع “إنسانيات” لتحقيق أهداف أكبر في إعادة الاعتبار للعلوم الإنسانية وتثمين دورها في تطوير المجتمع وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة والاستعداد لتصورات الدورة الثانية في سنة 2025 قد بدأ مبكرا.