اخفيت كثيرا من الفرح
وانا طفل.
اخفيته في تراب القلب
كما تفعل سلاحف البحر
حين تَبِيض في قاع الرمل
ثم تفرّ الى مياه الاعماق .
– كنتُ..
كلّما اصطاد عصفورا
أَقبّلُ منقاره ،
وارتّبُ على جناحيه ،
ثم أُطلقه في وجه الاشجار
واقول :
– سوف يَذْكرني بخير
عند السماء الاولى..
فانا ..
لا حاجة لي
بسماوات اخرى لا اعرفها..
– اقول :
لماذا لم اكن طائرا
فرحي ..
في ريش أجنحتي ،
وفي منقاري كل الاوطان ..؟!
– كنتُ..
كلما امسكتُ فَراشة ،
أتركها ترتاح في كفُي قليلا ،
ثم ارميها عند النهر
واقول :
للنهر ..ذاكرة الماء
والماء لا يخون..
– اذكر ..
اني تحسّست إبِطِي
ذات صباح..
وجدتُ زَغَبا
يشبه النّمل ..
ركضت الى امي
قلت لها :
– لقد اصبحت رجلا يا امّي
وسوف اتزوج مثل الخلفاء
في كل يوم امراة..
لا أمل لي في الحُوريات غدًا
أعرف ان تاريخي في الدنيا
ملطخ بِحِبْر الذنوب.. وأجرَدْ
اشدّ قطْرَانًا من سَواد الغراب..
ورِبْحا ..لما مَلَكْتْ شهوتي
سوف اتزوج امراة ..كل غروب شمس
– يوجد ايمان ..للشهوة ايضا..
يا امّي.
– أعرف..
انّ كَثْرة النساء
لا تطيل العمر
بالتأكيد ..
سوف اموت من التخمة
ولن يُصلّي عليّ غير أهل الجَنَابة ضحكا..
.. انا احب الخلفاء
كان حلمهم اللذيذ
ليس في الغزوات
وفتح الامصار
والجهاد في سبيل الله
كانوا ينتظرون قادة الجيش
ليبعثوا لهم غنائم السّبْي
من العلوج والروم والبربر
و اظل هكذا..يا امي.
الى ان اقطع شَعْرة مُعاوية
التي لم ينتبه اليها أحدْ ..
– الفرح يا أمّي مثل النبيذ
كلما تعتّق..
كلما زاد مَكْرا
ودَوّخنا اكثر..
الفرح الفُرات.. يا امّي
لا يوجد الا عند الاطفال..
لذلك..
كنت خبّات كثيرا منه
في تراب القلب
لاستعين به في يومي الأسود..!!
عبد الرؤوف بوفتح / تونس.