رأي: ويبدو ان المنذر الزنايدي الذي لمح انه سيترشح انطلق في حملة انتخابية عبر استمالة الدساترة وهم مكون لا يمكن انكاره في تونس من حيث الكم والكيف ، فنشر الزنايدي رسالة مطولة لجماهير الدستارة القاعدة الانتخابية لرئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي .
انطلق العد التنازلي للانتخابات الرئاسية واشرأبت الاعناق لها ، وسط بداية تهاطل نوايا الترشح واعلانات الترشح .
موسي والشعري والصافي سعيد ومحمد السبوعي ولطفي المرايحي ونجوى ميلاد كلها شخصيات اعلنت اما ترشحها او نية ترشحها وستنطلق قريبا في حملتها الانتخابية.
ويبدو ان المنذر الزنايدي الذي لمح انه سيترشح انطلق في حملة انتخابية عبر استمالة الدساترة وهم مكون لا يمكن انكاره في تونس من حيث الكم والكيف ، فنشر الزنايدي رسالة مطولة لجماهير الدساترة، القاعدة الانتخابية لرئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي .
استقطاب جمهور الدساترة بدى واضح جدا منذ بداية رسالة المنذر الزنايدي التي قال فيها “ان الحركة الدستورية هي من أكبر العائلات الفكرية والسياسية في تونس.ولا يحق لأحدأن يحتكر صفتها ويحدد شروط الانتساب إليها” بما يعني انه لا يمكن اختزال الدساترة في عبير موسي او غيرها وهذا ما يفهم من الرسالة باعتبار ان عبير موسي هي” زعيمة” الدساترة مثلما يطلق عليها .
وربما يكون الزنايدي استغل وجود عبير موسي في السجن لاستمالة انصارها الدساترة للسطو على قاعدة انتخابية مهمة قد تشكل درعا انتخابيا له أو كأن يبرز كخليفة موسي ومعوضها على رأس الدساترة الى ان تغادر السجن رغم ان الاخيرة هي الاخرى مترشحة من داخل السجن.
وتضمنت بقية الرسالة تذكيرا بتضحيات الدساترة ومكانتهم في الشأن الوطني والسياسي ووزنهم عبر التاريخ ، داعيا الى التجميع والوحدة.
والى حدود اللحظة لا يوجد اي تأكيد رسمي عن ترشح الزنايدي من عدمه خاصة انه لا يتواجد داخل تونس وملاحق في قضية .
رسالة إلى الدساترة خاصة وإلى التونسيين عامة:
الإنقاذ أولا
الحركة الدستورية هي من أكبر العائلات الفكرية والسياسية في تونس.ولا يحق لأحدأن يحتكر صفتها ويحدد شروط الانتساب إليها. هي فكرة عن تونس، وكل نسق فكري هو بالضرورة متطور متجدد بحيث لا يمكن اختزاله في حدود التاريخ والجغرافيا. وهي أيضا قيم ومبادئ نخدمها ولا نستخدمها.
هذا هو تصوّري للتجربة الدستورية كما عبرت عنه منذ سنة 2015.بالنسبة لي لم تكن يوما نظاما سياسيا، ولا طرحا إيديولوجيا قائما بذاته.هي إن شئنا مفهوماوتصورا لتونس: تونس كريمة وحرة وآمنة ومستقلة وسيادية وذكية ومتطورة ومنفتحة…تونس التي تأبى الاستسلام والإذعان واليأس وتنتفض كلما هددت المخاطر ثوابتها.الحركة الدستورية هي تصور لتونس أفضل، و منهج لعمل انجع، وهي بذلك اجتهاد بشري يخطئ ويصيب قابل للنقد والتقييم والتقويم مثل كل عمل انساني متحضر.
الفكرة الدستورية،كما فهمتها وانخرطتُ فيها، هيمجموعة من الثوابت والقيم والمبادئ حملها رجال ونساء في ظروف مفصلية صعبة من أجل الإنقاذ والبناء…إنقاذ البلاد من خطر المستعمر وبناء دولة وطنية قوية حديثة، متجذرة في هويتها العربية الاسلامية ومتفاعلة مع محيطها في مسايرة ديناميكية متلازمة مع تطوّر الوضع والمجتمع والعالم.
كان هذا رهان الأمس، أما اليوم فلم تعد المخاطر ولا مناهج البناء ذاتها. تغيرت تونس وتغيرت احتياجاتها وأولوياتها. وعلى الفكرة الدستورية إذا أرادت أن تكون فاعلة و نافعة مثلما كانت بالأمس أن تتجدد وتنفتح وتواكب المتغيرات قولا وفعلا، منهجا وممارسة لا احتكار فيها للفكر ولا إقصاء للاخر…
نعم تونس اليوم أحوج ما يكون لفكرة دستورية متجددة ومتوقدة تساهم في الإنقاذ وإعادة البناء…ومن يريد أن يقصي الدستوريين من حقهم في المشاركة والفعل السياسيين فهو إنما يريد أن يحرم البلاد من أمل في الإنقاذ، كما أن من يريد أن يضيق على الدستوريين ويختزلهم في حقبة تاريخية أوإطار جامد فإنه لا يفرط في واجب الإنقاذفقط بل ويزيد من تعميق الجراح ويجهض الأمل في المستقبل.
أن تكون من الجيل القديم أو الحديث و الصاعد، محافظا أو تقدميا، متحزبا أو مستقلا فهذا لا ينفي عنك دستوريتك ولا وطنيتك… ولكن أن تكون بائعا لضميرك ولوطنك، مفرّطا في سيادته، مبررا للفساد ومشرّعا للرداءة، مغذيا للأحقاد وناشرا للفتن… فهذا عبث وانحراف وإساءة للوطن.ومن أساء للوطن أساء للدستوريين، ومن أحسن للوطن أحسن إليهم فنحن نكون حيث مصلحة بلادنا فالدستوري بالانتماء هو وطني بالولاء. هكذا كان دوما فهمي للحالة الدستورية ولن أحيد عنه.
اليوم وتونس تعيش أحلك فتراتها ما أحوجنا أن نستلهم من إرث حفظه الدستوريون خاصة ليستفيد منه التونسيون كافة. فالانتصار لتونس هو حتما انتصار للفكرة الدستورية.ينتظر كل دستوري غيور على هذا الوطن واجب “الإنقاذ المضاعف”: إنقاذ البلاد من الوضع السيئ الذي تردت إليه وإنقاذ العائلة الدستورية من محاولات تشويهها وإضعافها وضرب قياداتها ومناضليها بالاعتقالات التعسفية والملاحقات القضائية وشتى أنواع المضايقات و التشويه…
انتمائي للعائلة الدستورية، الذي لم أتخل عنه يوما، يمنعني من السقوط في مستنقع التجاذبات والمعارك الجانبية الذي يريد أن يجرنا إليه من احتكروا السلطة وحولوا المعارضين إلى أعداء ومتآمرين، لن أزيد من تغذية الصراعات ومن تقسيم المقسم. ولن أستنزف جهودي في إقصاء الأشقاء والأصدقاء والمخالفين والمنافسين. فلم أكنيوما أعتبر السياسة “جراحة بتر” وثقافة تصفية وإقصاء.
العائلة الدستورية كبيرة،عريقة متجذرةومتسعة ممتدة،فهناك من يرى فيها زعيما، وهناك من يرى فيها حزبا، وهناك من يرى فيها مفهوما للدولة ومنوالا للتنمية ونمطا في إدارة الحكم…وأرى فيها فكرة ومصدر قوة وإلهام. هناك من ينظر إليها من زاوية النوستالجيا والحنين إلى الماضي، وأنظر إليها عبر سعة أفق المستقبل ومتطلبات واقع متغير ومستعجل لا ينتظر، أنظر إليها من بوابة مبادئ كبرى شكلت وستظل تشكل عناصر حصانةومناعة للبلاد:
1 – قوة بناء:لقد شكلت الحركة الدستورية قوة حقيقية للبناء ساهمت في وضع اللبنات الأولى لمجتمع متطور وبناء دولة حديثة ونامية شكلت نموذجا في محيطها ومجالها الحيوي.أما اليوم وقد غلبت إرادة الهدم إرادة البناء وعادت بتونس سنوات إلى الوراء، على التونسيين أن يستعيدوا هذه الروح الإيجابية من أجل تحقيق انطلاقة جديدة.
2 –قوة انفتاح: الدستوريون كانوا يجسدون الإرادة الشعبية كل الإرادة الشعبية…لا مجال للإقصاء والتهميش…الكل شارك في معارك الاستقلال ثم بناء الدولة الحديثة… الدستوريون حملوا المشعل وتحملوا مسؤولية إدارة المراحل العصيبة المتعاقبة ولكنهم لم ينجحوا إلا عندما انفتحوا على كل الحساسيات وكل الشرائح وكل أشكال الانتماءات ووسعوا من دائرة المشاركة وجعلوا التحديات شأنا وطنيا لا فئويا.
3- قوة تجميع: هذا يحيلنا إلى القيمة الأخرى التي شكلت واحدة من الخصوصيات الدستورية ألا وهي القدرة على التجميع والتوحيد لا سيما أمام استحقاقات مفصلية في تاريخ البلد…لقد خاضت تونس كل معاركها الكبرى (الاستقلال، التنمية، السيادة الوطنية، الأزمات الكبرى، الحرب ضد الإرهاب…) مجتمعة على قيمة “الوحدة الوطنية الصماء”وهذا ما زاد في مناعتهاوحصانتها.
آفة تونس الكبرى اليوم هي مساعي التقسيم والتشتيت التي اتخذها البعض منهجا وأسلوبا في إدارة الخلافات والصراعات و حتى الازمات.الفكرة الدستورية وهي فكرة ٌقائمة بقوة على مبدأ التجميع والتوحيد يجب أن تحتل الموقع الذي يليق بها وتتحمل مسؤوليتها التاريخية في جعل تونس عملية جمع لا عملية طرح.
طوال عقود جربت تونس التقسيم فلتجرب اليوم التقاسم، وجربت القطيعة فلتجرب التقاطع وجربت التصفية فلتجرب التصافي. جربت الحوار مرة فحازت على جائزة نوبل. فلماذا لا يكون الحوار دليلها والمصالحة قاطرتها. ولا أقصد المصالحة مع الفساد والاستبداد، فهذان مرضان خبيثان يؤذنان بخراب العمران و تشتيت الأمم. وإنما المصالحة بين التونسيين الذين أتعبتهم الأحقاد والضغائن والدسائس، المصالحة مع كل ما هو جميل في تاريخ هذا البلد والامتناع عن نسف كل ما مضى بدعوى امتلاك الحقيقة المطلقة وبناء شرعية الوجود بإقصاء الآخر وإنكار وجوده ومحو كل أثر له. حلمي أن يستيقظ التونسي يوما فلا يرى خصوما وأعداء من حوله وإنما إخوة في الدين والوطن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم.
4- قوة فعل وعمل:أمام استحقاقات وتحديات مستعجلة لا تحتمل الانتظار تحمل الدستوريون مسؤولياتهم وشمروا على سواعد الفعل والعمل…كانوا يفعلون ويعملون أكثر مما يتكلمون ويتنازعون، منسجمين مع فكر بورقيبي من أهم شعاراته: “قوة الأمل وإرادة العمل من أجل غد أفضل”…بمثل هذه الروح ساهموا في أقل من عشريتين قي تحويل بلد استنزفته حقبة الاستعمار إلى نموذج يحتذى به.وبنفس هذه الروح يبقى الأمل قويا في أن يساهم الدستوريون بقوة في جهد الإنقاذ والإقلاع.
5- قوة وطنية:لعل من أبرز الخصال التي تميز بها الدستوريون قبل أن تنحرف بهم معارك السلطة هي تغليبهم المصلحة الوطنية على المصالح الفردية والفئوية، حيث كان الوطن هو الهدف والغاية، قدم لأجله الدستوريون الغالي والنفيس.
ما أحوج بلادنا اليوم إلى نكران الذات وجعل الوطن فوق الصراعات والخلافات…وطن نختلف لأجله ولا نتخلف عنه…وطن نتنافس لخدمته ولا نتنافس لاستخدامه.
6 – قوة الكفاءة والامتياز: في عالم رفعت فيه العولمة من سقف وشروط الازدهاروالتنمية المستدامة،عالم احتدمت فيه المنافسة ولا مجال فيه للرداءة والتردد والارتجال، في عالم تتابع فيه الأزمات ولا تتشابه، وحتى تتبوأ تونس مكانة لائقة بين الشعوب والأمم وجب عليها أن تعيد إحياء قيمة وثابت من ثوابت الفكر الدستوري: الكفاءة والتميز.أمل الدساترة وأملنا جميعا اليوم أن نستعيد تونس التي تكافىء الاستحقاق، تونس الفكر البورقيبي التي رفعت شعار “بالعلم والعمل فرحة الحياة”، تونس التي عرفت باستثمارها في “المادة الشخمة”…
انتمائي للفكر الدستوري أصيل وليس أصوليا. أنتقي منه ما يفيد البلاد وما يساهم في جهد الإنقاذ. ويقيني أنه لن يبقى دستوري صادق وأصيل فوق الربوة ولن يتخلف عن واجب الإنقاذ وهو يشاهد العبث بالبلاد واستنزاف مقدراتها وخيراتها وثوابتها. وأقول للبعض لن تنجح محاولات شق العائلة الدستورية، فهي أكثر ما تكون اتحادا وتضامنا وقوة عندما تخوض معركة الإنقاذ وتنبري للتصدي لخطر يتهدد الوطن.
إخوتي في العائلة الدستورية، أبناء وطني الحبيب: لن أكون من دعاة الفتنة والتقسيم حتى ولو بقيت وحيدا. لن أكون صوت الحقد والكراهية وظلم ذوي القربى…بل سأجتهد في أن أكون صوت الحكمة والعقل والمصالحة ولم الشمل.
لن أكون صوت فئة أو حزب أو جماعة…ولكن صوت “تونس التي تسع الجميع”، تونس “الواحدة والمتعاضدة والمتماسكة” مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “كالبنيان يشد بعضه البعض”.
قال الله تعالى: “إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم” صدق الله العظيم
ربي يحفظ تونس
منذر الزنايدي