المرحلة الأولى من الحجر الصحي الموجّه حددت لها أهداف واضحة […]
المرحلة الأولى من الحجر الصحي الموجّه حددت لها أهداف واضحة لا لُبس فيها ولا ملابس أيضا. لكن في البال بعض الغموض أبحث عمّن يطرحه عنّي: كيف نمنع تجارة الملابس والأحذية عموما، وفي نفس الوقت سمعنا أنّ أصحاب محلات ملابس الأطفال وأحذيتهم يعدّون العدّة لموسم الكسب المكثف الخاصّ بهم. طيّب… هذا مفهوم ومشروع وضروري بما أنّ التسوّق عندنا حاجة وليس عادة. كما أنّ العيد الصغير للصغار وللهوهم ولعبثهم. لكنّ المشكل ليس في إمكانية فتح المحلات بل في إّمكانية فتح الأبواب للحرفاء الصغار المتلهفين لزيارة ألف محلّ ومحلّ لاختيار “الحطّة” المناسبة؟
من عبث الفيروس بنا أنّه لا يدع بابا للانفراج يفتح حتّى يغلق من مثله أبوابا.
تعالوا نفكك اللغز. إنّ الانفراج المأمول محفوف بالأشواك. فلو سلمنا بأنّ مسألة المحلات حلّت من خلال المرسوم الذي صدر لتنظيم فتح المحلات في هذه المرحلة من الحجر الصحي الموجّه، وأنّ أصحاب تلك المتاجر قادرون على توفير أفضل الظروف لضمان تسوّق نظيف مضمون، ولو سلّمنا أيضا بأنّ الأولياء تجاوزوا الخوف من العدوى واستعدّوا لها بالكمامات والسائل المعقّم، والأموال موجودة في البنوك ولا خوف من الفقر والـ”كريدي”، فهل ضمنّا رحلة التسوّق المنشودة؟
لا طبعا،
أغلب المحلات مركزة بأقطاب معدودة، من باب البحر، إلى مراكز التسوّق المستحدثة في بعض الأحياء كالمنزه السادس وسكرة وأحياء النصر، فهل نسينا أنّ أغلب سكان تونس الكبرى يقطنون أحياء شعبية ليس فيها سوى المقاهي والحمّاصة وباعة الملاوي والشباتي؟ وإذا كان لا بدّ من ملابس العيد فإنّ الرحلة ستكون على متن الحافلات للعائلات “العيّاشة”، وحتّى أصحاب السيارات الخاصّة (الشعبية عادة) فهم غير مؤهلين للتسوّق لأنّ المرسوم يقول ان الحجر الصحي الموجه يمنع الناس من الخروج، وأنّ الأمن يعاقب المخالفين وأنّ على كلّ سيّارة أن تنقل شخصين لا أكثر، وهل أنّ الحلّ يكمن في مراجعة المرسوم مع ما سيتبع ذلك من مخاطر؟… وهل سيتمّ الترخيص بنقل أكثر من شخصين في السيارة العائلية؟ وهل ستكون هناك مراجعة الإجراءات التي تمنع الأطفال دون الـ15 من الخروج من البيت، هم وأمهاتهم وكلّ من ليس له ترخيص جولان لأسباب مهنية؟ وهل سنشجع العائلة على التسوّق أم على المكوث في البيت؟ وهل ستتمّ مراقبة آلاف السيارات والحافلات (إن سمح لها بالعمل ليلا لتحقيق الانسيابية اللازمة خلال أيّام التسوق التي ستنطلق يوم الاثنين 11 ماي)؟ وهل سيضطرّ المكلفون بالمراقبة برفع آلاف المخالفات في حركة المرور وفي المحلات وفي حالات عدم احترام قاعدة التباعد الاجتماعي وفي حالة عدم التمتع بترخيص؟
إذن؟ ماذا سنفعل في هذه الحال؟ هل سنرخّص للحمّاصة ببع ملابس العيد كما يبيعون السجائر المهرّبة؟
المرحلة الأولى من الحجر الصحي الموجّه لا تبدو موجّهة بسبب عيد الفطر أو بعبارة أخرى، الفيروس مصرّ على دفع العائلات التونسية إلى ادّخار كلفة شراء الملابس لمهمّة أخرى تنتظرهم بعد شهرين ونصف: لعلوش العيد!