بقلم حافظ الغريبي على امتداد سنوات ما بعد 14 جانفي […]
بقلم حافظ الغريبي
على امتداد سنوات ما بعد 14 جانفي 2011 شاهدنا أنماطا عدة من ولاة الجمهورية، منهم من عمل في سنوات الجمر وسعى جاهدا للحفاظ على السلم الاجتماعي وعلى هيبة الدولة في نفس الوقت وخدم شعبه بصدق وأمانة في حدود ما أتاحته له الظروف.. ومنهم من في الخفاء وفي ظل التجاذبات السياسية انحرف بعض الشيء خدمة لبعض الأطراف الحزبية لكنه عمل دوما على الحفاظ عن التوازن حتى ولو كان هشا ساعيا لعدم ابراز ولائه لأي طرف سياسي علنا حتى يظهر للعيان انه وال جميع المواطنين دون استثناء…
..لكن يبدو أن الامر تغيّر بعد 25 جويلية 2021 بعد أن أراد عدد من الولاة المقربين من الرئيس أن يكونوا مختلفين شكلا ومضمونا ليس على مستوى الأداء بل على مستوى الولاء منحرفين بذلك عن مهمة الوالي الأساسية والتي نص عليها القانون المنظم لمشمولات الاطارات العليا للإدارة الجهوية والذي ينصّ وفق الفصل 8 للقانون عدد 52 لسنة 1975 على ان الوالي هو المؤتمن على سلطة الدولة وممثل الحكومة بدائرة ولايته وهو إداريا تحت سلطة وزير الداخلية -وهو الذي يجري به العمل حاليا- كما يضبط الفصل 9 من ذات القانون مشمولات الوالي على أنه المسؤول عن تنفيذ السياسة القومية للتنمية على الصعيد الجهوي، وبهذه الصفة يدرس ويقترح على الحكومة الوسائل الكفيلة بتحقيق النهضة الاقتصادية الاجتماعية لدائرة ولايته.
وهو بقوة القانون وباعتبار خطته وظيفة إدارية كما ينص على ذلك القانون يفترض أن يكون بعيدا عن العمل السياسي كأن يعفيه من الإدلاء بدلوه في المعارك السياسية وفي كل ما يتعلق بمستقبل البلاد السياسي غير أن ما نلاحظه اليوم هو أن الجيل الجديد من الولاة يخوضون معارك بعيدة كل البعد عن التنمية فمرة تجدهم يلقون بوابل التهم على الأطراف المعارضة للرئيس وطورا تجدهم يخوضون حربا على الاعلام متهمين صحفيين بشتى التهم لمجرد ان يتوجهوا لهم بسؤال بسيط .. هذا زيادة عن انخراطهم في مشروع سياسي يفترضون ان يكونوا في منأى عنه بوصفهم ولاة على كل متساكني الجهة دون استثناء.
لن نتساءل عن دواعي الزيارات الخاطئة ولا عن توظيف وسائل التواصل الاجتماعي لتلميع صورهم على غرار ما يقوم به والي بن عروس ثم تجده يلجأ لفسخ ما نشره لتأكده لاحقا أنه كان مجانبا للصواب.. ولن نتحدث عمّا حدث للصحفية خولة السليتي من إذاعة شمس التي تعتبر من خيرة الجيل الصاعد للصحفيين لاستقامتها ومهنيتها.. لكن دعونا نتساءل فقط عمّا فعله هؤلاء لتحسين ظروف عيش المواطنين .. هل وفقوا في توفير ابسط مستلزمات العيش ونحن نعاين نقصا فادحا في المواد الأساسية.. هل نجحوا في الضرب على أيدي المحتكرين.. هل خففوا من الاكتظاظ على المستشفيات.. هل حسنوا حالة الطرقات.. هل حدّوا من نزيف حوادث المرور.. هل وجدوا حلا لانقطاعات الماء الصالح للشراب.. هل خفّضوا من انتشار الجريمة.. هل حرّكوا المشاريع النائمة.. هل أنقذوا مؤسسات من الإفلاس وعمالها من البطالة؟
كل ما عددته من تساؤلات قطرة من بحر صلاحيات الوالي في جهته.. فماذا تحقق منها وماذا بقي في ذاكرة عموم الناس غير الاتهامات الزائفة لصحفية محترمة وصورة عضلات والي بن عروس المولع برياضة كمال الاجسام التي اكتسحت فضاءات التواصل الاجتماعي والتي تذكرما بالممثل سيلفستر ستالوني في دور رامبو وبالممثل ارنولد شوازنجر حاكم كاليفورنيا مثلها مثل صورة شوارب والي تونس عندما هاجم المعارضة مجانا ..صور تذكرنا بشوازنجر وبستالين لكن ما أبعد والي بن عروس عن الممثل والي كالفورنيا الشهير وما أبعدنا عن قوة الاتحاد السوفياتي وما أقربنا لصورة انهياره.
حافظ الغريبي