هل تعرفون ذلك الرجل الذي إذا تكلّم أنصتم إليه، وإذا صمت قرأتم في قسمات وجهه بقية الحديث… هل عرفتموه؟
قدم إلى تونس العاصمة من قرية القصور يحلم بالتخرّج طبيبا، وقد فعل.
كان من شباب الاتجاه الإسلامي الذين نضجوا في تجربة الثورة التلمذية، ثمّ من مؤسسي الاتحاد العام التونسي للطلبة الذي ولد لمعادلة الاتحاد العام لطلبة تونس، وقد فعل.
طبعا، هو عبد اللطيف المكي، السياسي الذي لم يسمح لأحد أن يدوس على طرف ثوبه حتّى في صلب النهضة وطبقات التحزب فيها.
ولما تداعى مشروع حكومة الجملي وولدت حكومة الفخفاخ، وفي آخر لحظة تمّ ترشيح عبد اللطيف المكي لتولي وزارة الصحة كملء للفراغ حين كان الجميع يتهافتون على وزارات السيادة… كان ذلك يوم 28 فيفري تحديدا.
من يصدّق أنّ وزيرا دخل التاريخ بعد 6 أيّام فقط من تولّيه مهامّه؟ حدث ذلك مع المكي الذي أظهر طاقة فعل سياسيّ وقامة اتصالية جعلتاه الوزير المحبوب ورفعت وزارته إلى رتبة وزارة السيادة في أعين الناس. ومن لا يذكر ما قاله أحد الوجوه النقابية المناهضة لـ”النهضة” إنّ المكي بكى على الهواء لأنّه قويّ وصادق… هذا هو المكي الذي نفض عن النهضة غبار سنوات ارتباك طويلة، وجعل اللقاء اليوميّ مع المواطن حول مستجدات الوباء لحظات حقيقة مطلقة لا تحزّب فيها.
فخلطة عبد اللطيف المكي وفيروس كورونا تحوّلت الى اكسير انسى عديد التونسيين رفضهم للنهضة وللإسلام السياسي وجعلهم يقبلون به سياسيّ يمكن أن يراهنوا به في يوم ما ـ اذا ما استوجب الحال ـ لقيادة حكومة قادمة.وهو الذي حظي بنسبة ثقة في حدود 51 بالمائة مباشرة وراء قيس سعيد الذي حظي بـ61 بالمائة.