وطني : يبدو وفق تحليلات عديد المتابعين للشأن العام وخاصة الاقتصادي ان تونس لن تصل الى حل مع صندوق النقد الدولي يرضي الطرفين، وهذا ما لمسناه من تصريحات من هنا وهناك، اذ يؤكد الرئيس قيس سعيد انه يرفض الاملاءات وان البلاد ستعول على نفسها في حين يؤكد النقد الدولي انه اقترح الإصلاحات وان الكرة بيد الحكومة.
تونس الان :
يبدو وفق تحليلات عديد المتابعين للشأن العام وخاصة الاقتصادي ان تونس لن تصل الى حل مع صندوق النقد الدولي يرضي الطرفين، وهذا ما لمسناه من تصريحات من هنا وهناك، اذ يؤكد الرئيس قيس سعيد انه يرفض الاملاءات وان البلاد ستعول على نفسها في حين يؤكد النقد الدولي انه اقترح الإصلاحات وان الكرة بيد الحكومة.
7 اشهر مرت على التصريحات والتصريحات المضادة سبقتها اشهر من المفاوضات حاولنا العودة اليها بالتواريخ وفيما يلي رسم مدقق لها
رأيان مختلفان لسلطة واحدة
في 15 اكتوبر 2022 توصل خبراء الصندوق والسلطات في تونس إلى اتفاق على مستوى الخبراء حول برنامج مدته 48 شهرا في إطار “تسهيل الصندوق الممدد” بقيمة بحوالي 1,9 مليار دولار أمريكي لدعم السياسات الاقتصادية في تونس.
وزيرة المالية سهام بوغديري نمصية علقت آنذاك قائلة إن التوصل إلى اتفاق مع خبراء صندوق النقد الدولي حول تمويل جديد لتونس امر جيد جدا سيمكن من استعادة الاستقرار على المستوى الاقتصادي و المالي لتونس..مباركة الحكومة آنذاك لا تعني ان الرئيس قيس سعيد يوافقها
ففي 16 ديسمبر 2022 قال الرئيس ان ” ايجاد حلول لمشاكل تونس لا يمكن أن يتم فقط من خلال الأرقام، ولا من قبل صندوق النقد الدولي ولا من قبل أي صندوق آخر” وشدد في هذا الصدد قائلا:” لا يمكن لأي طرف أجنبي أن يفرض علينا حلوله أو بدائله الخاصة بمشاكلنا”.
كان جليا من خلال هذا التصريح ان الرئيس لا يعوّل بصفة كبيرة على ما سيقدمه النقد الدولي وفق شروطه المسبقة، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا اضاعت السلطات في تونس وتحديدا الحكومة والوزراء المعنيون بالملفات المالية كل هذا الوقت لتعلن انها ترفض الاملاءات ؟
في 4 جانفي 2023 ، اقر محافظ البنك مروان العباسي بان سنة 2023 ستكون صعبة على تونس، في حال عدم التوصل إلى اتفاق سريع حول قرض من صندوق النقد الدولي.
وأضاف العباسي في ندوة صحفية آنذاك “في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فإنه ستكون هناك صعوبات على مستوى التمويل الخارجي والتمويل الداخلي على حدٍّ سواء”، وعبر عن أمله في أن يتم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد في أقرب وقت ممكن .
في 25 جانفي 2023 جاءت إجابة الرئيس على ما قاله العباسي اذ نقلت وكالة تونس افريقيا للانباء عن مصدر وصفته بـ”المأذون” في رئاسة الجمهورية، أن الرئيس قيس سعيد لم يوقع أي وثيقة تتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي “خلافا لما تتداوله بعض وسائل الإعلام”.
الرئيس متمسك ورافض والحكومة ما زالت تأمل
رئيس الجمهورية قيس سعيد حسم امره كما اسلفنا الذكر – لا تعليمات – لا انتهاك للسيادة والتعويل على انفسنا- 3 كلمات مفاتيح يعيدها الرئيس في كل مناسبة بهذا الخصوص.. يوم 2 فيفري 2023 نجد الحكومة وعلى لسان وزيرة المالية مازالت تعبر عن املها في التوصل الى اتفاق مع النقد الدولي في افريل ( مرّ افريل وحلّ مارس ولم يأت القرض)
وقالت وزيرة المالية “هناك إصلاحات طالب بها صندوق النقد، كانت إشارة انطلاقها في هذه السنة 2022 وستتواصل إلى غاية 2026” وفق كلامها.
يوم 14 فيفري 2023 ـ تجري رئيسة الحكومة نجلاء بودن محادثة مع المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا، ،استعرضت خلالها مدى تقدم البرنامج الوطني للإصلاحات الذي أقرته تونس، وذلك على هامش اشغال القمة العالمية للحكومات المنعقدة بدبي ومن جانبها اعربت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي عن ارتياحها لتقدم سير الاصلاحات في تونس، مبرزة استعدادها للعمل على تسريع النسق، من أجل التوصل الى اتفاق نهائي مع تونس بشأن برنامج قروض لفائدتها.
أوروبا على الخط وإيطاليا اللاعب الأبرز
في 20 مارس 2023، شدد مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على ضرورة ان يوقع قيس سعيد رئيس الجمهورية اتفاقا مع النقد الدولي وينفذه والا فان الوضع سيكون خطيرا للغاية بالنسبة الى تونس.
نزلت إيطاليا بوزنها وثقلها ونكاد نقول “حكومة وشعبا” في ملف القرض، حتى ان خبر تعليق النقد الدولي المفاوضات مع تونس جاء على لسان رئيسة الحكومة الإيطالية يوم 21 مارس 2023 .
يوم 23 مارس 2023 ، باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأمريكي المكلفة بشؤون الشرق الأدنى تقول إن مصير مساعي تونس للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لدعم الإصلاحات والحيلولة دون حدوث انهيار اقتصادي في يدي الحكومة.
وقالت إن “المجتمع الدولي مستعد لدعم تونس حينما تتخذ قيادتها قرارات جوهرية حول وجهتها”، مضيفة أنه حتى تقرر الحكومة توقيع حزمة الإصلاح الخاصة بها سنظل “مكتوفي الأيدي”).
في 5 افريل 2023 ، اكد نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية أن صندوق النقد الدولي وضع شروطا لمنح تونس تمويلا بينما تريد الحكومة اجبارها على إجراء إصلاحات.
ونقلت وكالة “نوفا” عن الوزير قوله في مقابلة مع صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية:” لا يمكن إجبارنا على القيام بإصلاحات جذرية خلال فترة قصيرة… يجب أن نفكر في العدالة الاجتماعية وإلا سيكون هناك المزيد من التونسيين الذين سيهاجرون بشكل غير قانوني… نحن مازلنا بصدد التفاوض مع صندوق النقد الدولي “.
واضاف:” ليس التونسيون وحدهم هم الذين يهاجرون إلى دول شمال البحر الأبيض المتوسّط فمعظم المهاجرين يأتون من دول جنوب الصحراء. ..كما أن تونس أصبحت دولة عبور باعتبار موقعها بين الجنوب والشمال” متابعا” لقد تلقت تونس تجهيزات من قبل الدول الأوروبية بما في ذلك إيطاليا لاعتراض هؤلاء المهاجرين لكنها ليست كافية وقد تقادمت بمرور الزمن “.
وأضاف: “نحتاج إلى تمويل ومعدات… لقد تلقت تونس أموالاً أوروبية أقل بكثير من بلدان أخرى لتمويل هذه المعركة مثل تركيا وكذلك إيطاليا نفسها “.
التصريح الحاسم وما بعده…
في 6 افريل اعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد رفض اية تعليمات من الخارج في رد صريح على صندوق النقد الدولي مؤكدا ان تونس يجب ان تعول على نفسها .
على مستوى مسؤولي صندوق النقد الدولي لم يصدر أي تصريح ، حتى إيطاليا نفسها التي دأبت يوميا على الاهتمام بتونس لم تصدر أي موقف بعد ..
الى ذلك يتحدث العديد عن تراجع سندات العملة الصعبة الصادرة عن تونس بنحو 4.6 سنت، بعد تصريحات رئيس الجمهورية قيس سعيد أمس والتي قال فيها إنّ ”إملاءات المقرضين، في إشارة إلى صندوق النقد الدولي، غير مقبولة” وإنّ ”السلم الأهلي ليس لعبة”، ودعا فيها إلى ”التعويل على النفس”.
وقال بسام النيفر المحلل المالي لإذاعة موزاييك أنّ كل عملية خروج للأسواق الدولية تعني إصدار السندات مقابل الحصول على أموال، واهم ما يتحكم فيها هو التصنيف
واضاف النيفر : ”تصريحات قيس سعيد تؤكّد أنّ فرص إمضاء الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أصبحت شبه منعدمة، ففسرت الأسواق ذلك بتخفيض تصنيف تونس قريبا وبالتالي انخفاض الدين التونسي الشيء الذي أدى إلى تراجع سندات تونس من العملة الصعبة”.
وأضاف: ”انخفاض السندات ليس له انعكاس مباشر على المواطن التونسي لكن النظرة الدولية الى الاقتصاد التونسي ستتلخص في عدم قدرة تونس على خلاص ديونها وبالتالي ستكون المعاملات الاقتصادية أصعب في علاقة بعمليات التوريد في كل المواد”
وبيّن أنه بإمكان تونس الخروج من الأزمة الاقتصادية دون امضاء اتفاق مع صندوق النقد لكن العملية ستكون صعبة ، مشدّدا على أن الامر يتطلب اتخاذ اجراءات عاجلة على غرار الاسراع في العمل على تحسين نسبة العجز التجاري عبر تحسين الصادرات وخاصة الفسفاط والتحكم في الواردات…..
وبين شد وجذب يتواصل مسلسل القرض غير ان ما نقف عنده اليوم انه بعد 7 أشهر من المفاوضات خرجت تونس بيد فارغة والأخرى لا شيء فيها.