بقلم : حافظ الغريبي قضت كما هو معلوم دائرة الاتهام […]
بقلم : حافظ الغريبي
قضت كما هو معلوم دائرة الاتهام بحفظ القضية المتهم فيها رئيس الحكومة السابق الياس الفخفاخ بتهمة تضارب المصالح وتقديم تصريح مغلوط بإخفاء حقيقة مكاسبه ومكاسب قرينه والتي كان قاضي التحقيق قد ختم فيها البحث موجها له ذات التهمة.
ولئن كانت هذه القضية واحدة من ثلاث قضايا متهم فيها رئيس الحكومة السابق – وهي الأقل خطورة على اعتبار أن القضيتين الأخريين محال فيها الفخفاخ رفقة اخرين بتهم الفصل 96 الشهير- فإن هذه التبرئة جاءت لتطرح أكثر من سؤال حول دائرة الاتهام التي يحمل اسمها اضمارا للإدانة والتي دعت مشاريع اصلاح المنظومة القضائية بإلغائها لخطورة دورها وطبيعة عملها الذي لا يراعي منظومة حقوق الانسان.
ولعل سلسلة الادانات التي اقرتها دوائر الاتهام على مدى السنوات الماضية لقضايا متهم فيها رجال الاعمال وانتهت بتبرئتهم امام القضاء إلا دليل صارخ على خطورة هذا الطور القضائي الذي يبدو أنه وفي اغلب الحالات لا ينصت الى قرارات دوائر محكمة التعقيب والتي كانت تقدم لها درسا في القانون – كيف لا وهي محكمة قانون- لكنّها تصرذ مجددا إصرارا فاضحا على الإدانة بتركيبة أخرى وكأنها تريد أن تتخلص من تهمة التواطئ مع المتهمين حتى من منهم أغلق التحقيق في شانه البحث وحفظ التهمة.
ذات الدوائر تمعن كذلك في إبقاء متهمين بحالة ايقاف أو إيداع من هم بحالة سراح السجن – وهم الذين يعتبرون أبرياء حتى تثبت ادانتهم- رغم قرارات الافراج أو بطاقات الإيداع التي تسبق ختم البحث التحقيقي بمدة طويلة.. وهي بذلك تفسح المجال للمحامين والوسطاء للتمعش من ذوي الشبهة وسلبهم أموالهم بعد أن سلبتهم دوائر الاتهام حقوقهم او حرياتهم.
قضية الفخفاخ – والتي لا تختلف في شيء عن باقي قضايا الراي العام المتهم فيها شخصيات سياسية او مالية او مسؤولو دولة سابقين على غرار رؤوساء مديرين عامين للمؤسسات العمومية- كان بالإمكان ان تلقى نفس المصير لكنّ دائرة الاتهام عدد 32 المنتصبة الاربعاء 11 ماي الجاري ارتأت العكس.. وهي خطوة يفترض ألا تكون منعزلة بل لابد أن تتبعها خطوات مماثلة حتى ترفع الظلم المسلط على العديد، والذي عادة ما تكون انعكاساته وخيمة لا على صحة المتهمين ووضعهم الاجتماعي والمالي بل وعلى اقتصاد البلاد ككل. فكم من مشاريع تعطلت جراء اتهامات انتهت الى البراءة وكم من صفقات ألغيت وكم من مؤسسات أغلقت وأحيل عمالها على البطالة إثر ايداع صاحبها السجن وكم من عائلات شردت وكم من مظلومين ووروا التراب قهرا وكمدا..
تبرئة الفخفاخ شجرة لا يجب ان تحجب غابة الظلم والاستبداد بل نريدها أول شجرة تغرس في التأسيس لمشوار يقوم على مبدإ العدل والانصاف وليس هناك اصدق في هذا المبدأ من قاعدة المتهم بريء حتى تثبت ادانته.