يمرّ العالم بـ3 أزمات عصيبة: جائحة كورونا التي مازالت تجتاح […]
يمرّ العالم بـ3 أزمات عصيبة: جائحة كورونا التي مازالت تجتاح العالم أجمع في موجات لا تتوقف على الرغم من عودة الحياة تدريجيا، وانتشار التلقيح على نطاق واسع. ثم لم يكد العالم يهدأ قليلاً إلا وأتبع الجائحة ركود تضخمي كبير يضرب العالم، قد يؤدي الى مشاكل في التوظيف وارتفاع للأسعار.
ثم، وبحلول فيفري من العام 2022 ، اشتعلت الازمة الأوكرانية بإجتياح الجيش الروسي لأوكرانيا، في بوادر ارهاصات صدام عالمي واسع الجبهات بين الشرق وحلف الناتو في الغرب.
هنا يأتي السؤال الذي يقفز فوراً في عقول رواد الاعمال المخضرمين: كيف يمكن استغلال هذه الأزمات التي تجتاح العالم الآن؟
هذا السؤال يعتبر واحداً من اهم الاسئلة التي تتردد في أذهان رواد الأعمال، هل يمكن البدء في عمل نشاط تجاري صغير في فترة الركود الاقتصادي الحالية؟ الاجابة على هذا السؤال، بدون تردد، هي نعم! فالكثير من الشركات الصغيرة ازدهرت في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وقد أشرنا في مقال سابق على عرب فاوندرز لأكثر الشركات الناشئة التي استفادت من جائحة كورونا، ومزايا بدء شركة ناشئة في ظل ركود اقتصادي.
يبقى السؤال، ما الشركات الصغيرة التي يمكن للفرد العادي أن يؤسسها بدون حاجة الى دعم تقني كبير او الاعتماد على الابتكار والابداع، وفي نفس الوقت يمكن أن تصمد أمام الظروف القاسية للركود الاقتصادي وتنجح في البقاء، ثم تزدهر بعد مرور الازمة وعودة الاقتصاد للانتعاش.
في هذا المقال سنقدم لك مجموعة من أفكار المشروعات القابلة للتطبيق خلال فترة الركود، كما أنها ستظل بعد انتعاش الاقتصاد شركات تجارية مستدامة.
أولاً: خدمات المحاسبة:
للوهلة الأولى، قد يكون من الصعب جداً تصوّر أن خدمات المحاسبة ستزدهر في فترة الركود الاقتصادي، لكن خذ مثلاً نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة Intuit في عام 2009 ( فترة الركود الاقتصادي للأزمة المالية العالمية التي اندلعت في 2008 ) لـ 250 محاسبًا و 250 من أصحاب الأعمال الصغيرة، فقد صرح حوالي 80 ٪ من أصحاب الأعمال الصغيرة أنهم يشعرون بمزيد من الثقة في حال وجود محاسب كمستشار لأعمالهم خاصةً في ظل عدم استقرار الاقتصاد.
وقد ذكر ريتش ووكر المدير التنفيذي لشركة Intuit: إن المحاسب دائمًا جزءًا هامًا من أي شركة، فبغض النظر عن حال الاقتصاد ، يجب على الأفراد والشركات دفع الضرائب وترتيب أمورهم المالية وبالأخص في الأوقات الاقتصادية الأصعب.
لذلك، وعلى عكس ما يبدو من الخارج، من المتوقع أن يشهد المحاسبون زيادة في الأعمال التجارية خلال فترة الركود ، نظرًا لأن العديد من الأشخاص والشركات الصغيرة قد يحتاجون إلى مساعدة محترف للتأكد من أنهم يستخدمون جميع الامتيازات القانونية والضريبية وغيرها المتاحة لهم ، وأن لديهم فهمًا واضحًا لدخلهم ونفقاتهم في ظل ضيق التدفق النقدي.
وفي أسوأ الأحوال، فقد يحتاج بعض الأشخاص إلى خدمات المحاسب إذا أجبروا على إعلان إفلاسهم!
ثانياً: الخدمات الصحية ( بمختلف انواعها ):
في عصر كورونا، وما بعد كورونا، فإن القطاع الصحي والخدمات الصحية تنتعش وسوف تنتعش بشكل كبير بدون شك، سواءً كان هناك ركود أو لا. يمكن القول ان خدمات الرعاية الصحية عموماً ” صناعة مقاومة للركود الاقتصادي ” ، فالناس تمرض في الاوقات الجيدة والسيئة، وفي الحالتين يحتاجون الى الرعاية الصحية بنفس المستوى. وبالتالي، هذا القطاع نادراً ما يعاني من الخسائر او فقدان الوظائف.
ثالثاً: البيع بالجملة:
في الأوقات الصعبة، الازمات الاقتصادية والركود، أول ما يشغل بال الناس هو شراء المواد الغذائية بكميات كبيرة – بأسعار مخفّضة – مثل الدقيق والسكر وأي منتجات أخرى سيحتاجون اليها على المدى البعيد.
ففي فترات الركود الاقتصادي يسرف الناس في تخزين الطعام والشراب وتناولها منزلياً، خصوصاً مع العروض التي تبيعها بشكل مخفّض – بالجملة -. الى جانب أن الأمر له علاقة نفسية ايضاً، عندما يسرف الناس في تناول الطعام المنزلي كأنه طريقة للترفيه عنهم للخروج من الازمة، فيبدؤون طهي المزيد من الوجبات في المنزل بأنفسهم، وتشهد محلات السوبر ماركت زيادة كبيرة في المبيعات.
هذا أمر معتاد ومعروف ومكرر في كافة موجات الكساد الاقتصادي الذي مرّت على العالم، لذا فإن بيع المواد الغذائية بالجملة فكرة جيدة للأعمال التجارية الصغيرة الآن.
رابعاً: السلع الكمالية .. بأسعار معقولة!
انت مندهش حتماً. سلع كمالية – غير ضرورية – وقت الركود الاقتصادي ، وسلع كمالية بأسعار معقولة ؟ ما الذي يحدث؟
ولكن لا يجب أن تندهش، فالناس في الظروف الصعبة تميل إلى الشعور بالحرمان، والرغبة في الخروج خارج هذه الدائرة من الحرمان الطويل يكون عبر اقبالهم على شراء بعض السلع الفاخرة اذا بيعت بأسعار معقولة.
لذا يمكنك الآن بدء عمليات البيع بالتجزئة بأسعار معقولة لبعض السلع الكمالية، مثل ان تبيع شوكولاتة فاخرة متوسطة المستوى بسعر مقبول، بدلاً من بيع الشوكولاتة الفاخرة الغالية جداً. يمكنك فتح متجر لبيع الآيس كريم بأسعار معقولة وفي متناول يدِ الجمهور بكميات صغيرة. حتى السلع الكمالية المرتبطة بحفلات الزواج أو اعياد الميلاد، يمكنك ان تفتتح متجراً متخصصاً في الهدايا الرخيصة السعر المصنوعة بشكل يجعلها تبدو فاخرة وتفي بالغرض.
خدمات كتابة السيرة الذاتية:
في فترة الركود الاقتصادي تزيد نسبة البطالة، حيث يفقد الكثير من الأشخاص وظائفهم، كما تنتشر البطالة الجزئية (حيث لا يعمل الناس بكامل طاقتهم)، لذا يتطلع الجميع إلى تحسين سيرتهم الذاتية، ويزيد الطلب على كُتّاب السيرة الذاتية الماهرين.
هذا عمل جيد يمكنك البدء به من منزلك في فترات الركود الاقتصادي، هو وما شابهه. يمكنك تقديم العديد من الخدمات من هذه الشاكلة عبر منصات العمل الحر العربية والعالمية المختلفة.
خدمات تصليح السيارات:
تصليح السيارات من أفضل الأعمال التي يمكنك القيام بها في فترة الركود الاقتصادي، فآخر ما يريد المرء فعله هذه الآونة أن يقوم بدفع مبلغ مالي كبير لشراء شيء باهظ الثمن مثل السيارة، لذا يحاول الجميع الإبقاء على سياراتهم الحالية تعمل بشكل جيّد ويفي بالغرض، دون اللجوء الى حل شراء سيارة جديدة أو حتى شراء سيارة مستعملة.
إذا كنت ميكانيكياً، أو لديك القدرة على فتح ورشة ميكانيكا لإصلاح السيارات وادارتها بشكل فعّال، فأنت من المحظوظين فترات الركود الاقتصادي. وسوف يستمر عملك أيضاً بعد عودة الانتعاش للاقتصاد بلا مشاكل.
متاجر بيع أدوات صيانة منزلية:
في فترات الركود سيختار معظم الناس صيانة أو تجديد منازلهم بأنفسهم، بدلاً من الاستعانة بأشخاص أو مؤسسات او شركات تقدم هذه الخدمات بمبالغ كبيرة، كما أن فكرة بيع المنزل والانتقال الى مكان آخر مستبعدة في ذلك الوقت.
لذلك، من المتوقع ان تشهد الشركات التي تقوم بتزويد أدوات مواد صيانة وتحسين المنازل للجمهور زيادة كبيرة، كما هو الحال مع العديد من أدوات اصلاح الاجهزة المنزلية بشكل فردي ، أو تنسيقها وتبيضها وتحسينها دون الاستعانة بعمّال من الخارج لعمل هذه الأعمال. اذن، من المتوقع ان تزدهر تجارة ” بيع ادوات صيانة المنزل للجمهور ” ، في الوقت الذي سيتضرر فيه بشدة العمّال والحرفيين الذين يعملون بهذه الحرف التي تشكّل مصدر رزقهم.
وسطاء تجهيز المنازل للبيع:
في فترات الركود الاقتصادي، احياناً ترتفع الحاجة لبعض العائلات لضرورة بيع المنزل والانتقال الى منزل آخر اصغر. هنا تظهر مشكلة شديدة الصعوبة، انه اثناء الركود لا يوجد مشتري أصلاً لشراء منزل جديد، فالركود يطال الكل، والكل يعمل بحرص شديد على انفاق أي مبلغ من أمواله في المكان والقرار الصحيح.
لذلك، يصبح من الصعب بيع المنزل، وبالتالي تظهر خدمة جديدة، الاستعانة بمؤسسات او اشخاص قادرين على تلميع المنزل المُراد بيعه، وزيادة جاذبيته من خلال فرشه وتزيينه ليصبح في افضل حالاته وتنظيم مداخله، والتواصل مع وكلاء العقارات او الخبراء في السوق لتسهيل بيع هذه المنازل في اوقات الركود الصعبة، مقابل نسبة ممتازة من هذه المهمة الشاقة.
خدمات التدريس:
خدمات التدريس من الوظائف التي تقاوم الركود الاقتصادي، التعليم لا يتوقف اثناء اللركود الاقتصادي، سواءًَ سببه كورونا أو غير الكورونا. يمكنك ان تستغل هذا الوضع في بدء عملية التدريس سواءً كنت معلّما أو اكاديمياً، أو لديك القدرة على تحويل خبرتك في مجال معين الى دورة تدريبية تقوم ببيعها عبر الانترنت. وكلما كان مجالك شائعاً ومطلوباً بشكل كبير، كلما زاد الطلب على خدماتك.
في النهاية، الركود الاقتصادي الذي يشهده العالم اليوم بسبب جائحة كورونا، لا يعني بالضرورة أنه يؤدي الى ازمات ومشاكل اقتصادية للجميع، بل ان البعض يكوِّن أعظم أرباحه اثناء فترة الركود الاقتصادي، فقط اذا استطاع أن يتعامل معه ويستفيد بوجوده بدلاً من أن يتعرّض لمساوءه.