تونس الآن شهد الاقتصاد العالمي صدمة ناجمة عن تباطؤ الاستهلاك، […]
تونس الآن
شهد الاقتصاد العالمي صدمة ناجمة عن تباطؤ الاستهلاك، الذي وصل حد التوقف لفترة من الزمن، مع ما يترتب عن ذلك من تاثيرات مباشرة كفقدان جزء من القدرة الإنتاجية، ومن القدرة على توفير مواطن شغل. وتعزّز هذا التباطؤ الناجم أساسا عن تفشي فيروس كورونا في العالم بالتحديات التي فرضتها الأزمة الأوكرانية الروسية.
ووفق تقرير للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات، صدر الخميس، ألزمت هذه التحدّيات كل دول العالم بالبحث عن حلول اعتبر التقرير بأنها لن تخرج عن 4 فرضيات أساسية تتمثّل في:
– تفاقم الركود التضخمي كفرضية أولى
-التوجه نحو النظام العالمي الجديد (عولمة جديدة) كفرضية ثانية
-التوجه نحو المزيد من الأمان والحمائية كفرضية ثالثة
– الصمود الشامل كفرضية رابعة
الفرضية الأولى: والتي تخص حصول ركود تضخمي عالمي، فيكمن خطرها الرئيسي في ردة فعل الأسواق العالمية، على تداعيات الأزمة، معتبرا أنّ البلدان، على غرار تونس، التي لا تملك موارد إضافية، لتنفيذ برامج صمود واسعة النطاق، والتي تخضع لضغوط في الميزانية، تصل حد التقشف، ستجد صعوبة في العودة إلى النمو السليم، وسيكون المزيد من التنسيق على المستوى الوطني، وصياغة وتطوير البرامج الجهوية، هو الحل الأفضل للخروج من الأزمة.
أمّا بالنسبة للغاز، فيشير التقرير إلى أنه يمكن لتونس الاستفادة من زيادة الصادرات الجزائرية، عبر التراب الوطني، وزيادة إنتاج الغاز المسال في السنوات القادمة.
كما يجب على تونس أن تُركز على الاستعداد للموسم الجديد للحبوب، بتشجيع الفلاحين، من خلال مضاعفة أسعار شراء الحبوب، في الموسم القادم، وإنشاء خط تمويل بقيمة 100 مليون دينار، خاص بمحاصيل الحبوب، وتكون هذه الجهود، مصحوبة بمساعدة فنية، خاصة لصغار الفلاحين، مع توفير البذور الكافية.
وفي ظل عدم وجود دعم حكومي مباشر للمؤسسات، لتأمين وارداتها، يجب على المؤسسات التونسية اعتماد طُرق تنظُّم جديدة، وتشكيل تكتلات شراء مركزية، وغيرها من الإجراءات الأخرى، وذلك من أجل توحيد مواقفهم، والتخفيف من تأثير الأزمة.
وبالتوازي، يجب اتخاذ إجراءات لتحسين مناخ الأعمال، والتقليل قدر الإمكان من العقبات والاخلالات، وخاصة خفض التكاليف المتعلقة بالخدمات اللوجستية (الموانئ…)، وتبسيط الإجراءات الإدارية، وتسريع الإجراءات الديوانية، وتحسين شروط الوصول إلى التمويل.
وخلص التقرير إلى أن الاقتصاد التونسي يعاني من تباطؤ في النمو، مصحوبًا بمعدل بطالة في ارتفاع مستمر، مع اتجاه تصاعدي في الأسعار، وهي أبرز سمات الركود التضخمي.
الفرضية الثانية: فاعتبر تقرير المعهد العربي لرؤساء المؤسسات أنّ النظام العالمي الجديد، الذي يتّسم بتعزيز التكامل الإقليمي، يمكن أن يؤدّي إلى مراجعة التحالفات والاتفاقيات التجارية.
هذه المراجعة سيكون لها تأثيرها على تونس وفق التقرير، إذ يعتمد الاقتصاد التونسي، بشكل كبير، على محيطه الخارجي، سواء في التصدير أو التوريد، وذلك بسبب نظام اقتصادي ضعيف من حيث الاندماج والتكامل، ولمواجهة هذا النظام العالمي الجديد، يجب على تونس إعادة التفكير في علاقاتها مع شريكها التجاري الأول (الاتحاد الأوروبي)، ومن الضروري أيضًا إعادة التفكير في العلاقات مع بلدان الجوار، خاصة الجزائر وليبيا، وفقًا لمقاربة أكثر براغماتية، اقتصاديًا وسياسيًا.
وأشار إلى أن التحدي الذي يواجه تونس، هو إعادة هيكلة الاتفاقيات التجارية المعتمدة، خاصة مع أوروبا والجزائر والصين والولايات المتحدة وتركيا، بهدف تعزيز الاندماج الإقليمي.
كما يمكن للبنك المركزي التونسي النظر في إدراج الروبل واليوان في سلة عملاته، مما يسمح للمشغلين التونسيين في قطاع السياحة بشكل أساسي، بقبول المدفوعات بهاتين العملتين، وستسمح هذه الأموال بدفع وارداتنا من المواد الأولية من هذين البلدين (الصين وروسيا)، وستسهل أيضًا جذب السياح من البلدين، باعتبار أن وجهاتهم في الخارج ستصبح محدودة بشكل متزايد وفقا للتقرير.
الفرضية الثالثة: يرجح المعهد العربي لرؤساء المؤسسات أن تدفع حالة الغموض المتزايدة، بشأن الوضع العالمي، إلى تعزيز الحمائية، وهو ما يعني أن تواصل القوى الكبرى التنافس على الهيمنة الاقتصادية، واللجوء إلى تدابير تقييد التوريد والتصدير، والابتعاد أكثر عن التجارة الحرة العالمية.
وحسب استنتاجات التقرير يمكن أن تتأثر الصادرات الفلاحية بموجات الحمائية مع الشركاء التجاريين، ويمكن أن تخضع الحصص والوصول إلى الأسواق للتفاوض أو حتى الضغط، ومن ناحية أخرى، يمكن أن تستفيد تونس من الفرص التي يتيحها نقل المنشآت الصناعية الموجودة في البلدان القريبة من مناطق النزاع.
الفرضية الرابعة: التي وضعها تقرير المعهد فتتمثّل في الصمود الشامل من أجل مواجهة تتالي الصدمات، معتبرا أنه من المهم إرساء أسس توجه شامل قائم على مشاركة جميع الأطراف الفاعلة، خاصة منها المجتمع المدني.
وأكّد التقرير أن تنشيط الحوار الاجتماعي متعدد الأطراف في تونس، وتفعيل المجلس الأعلى للتنمية الاجتماعية، من أهم شروط تحسين الصمود الشامل، وبالتالي، يمكن لتونس، التي تتمتع بمجتمع مدني نشيط، أن تتطلع إلى مستقبل أفضل.
أما الأهداف من حيث التنمية المستدامة، والبيئة، فستكون موضع جدل، رغم تكريس التوجه نحو الطاقات المتجددة، لأن الأولوية ستكون لزيادة الإنتاج الفلاحي، وضمان الأمن الغذائي، على حساب البيئة والتنمية المستدامة، وسيتم بالتأكيد مراجعة إدارة موارد المياه، واستخدام الأراضي الصالحة للزراعة، لضمان الاستخدام الأمثل والأقصى، وتونس من أوائل الدول المعنية بالاستغلال الأمثل لهذه الموارد، واستخدام هذه الأراضي الزراعية غير المستغلة لأسباب إدارية وقانونية حسب ما ورد في التقرير.
وفي ما يلي نص التقرير كاملا: