بقلم : عبد الرؤوف بوفتح يذهب “رولان بارت ” إلى […]
بقلم : عبد الرؤوف بوفتح
يذهب “رولان بارت ” إلى أن الفاشية ليست دائماً في “الحيلولة دون الكلام”، وإنما تتجسد أيضاً في “الإرغام عليه”، وفي الحالة العربية، فاقت فاشية السياسة فاشية اللسان، ولا تزال السلطة (وفق بارت أيضاً): “جرثومة عالقة بجهازٍ يخترق المجتمعَ ويرتبط بتاريخ البشرية في مجموعه، وليس بالتاريخ السياسي وحده”. فمنذ الأزل، تُرسَم السلطة عبر اللغة التي تنطوي على “علاقة استلاب قاهرة”، وليس النطق والخطاب تبليغاً، كما يقال عادة، بل اللغة “إخضاع وتوجيه معمّمان”، وحين تتكرّر قواعدها المتوارثة جيلا بعد جيل، تترسخ بين أفراد المجتمع، وتمارس عليهم سلطتها الداخلية…… التداخل بين المشروعين الثقافي والسياسي كان على حساب الأول، إذ أصبح الثقافي رهناً بالسياسي لا يتحرك إلا من خلاله وبتوجيه منه، مما أدى إلى سيطرة حالة من السياسوية التي لا ترى في أي نشاط إنساني بما فيه الفكري والثقافي إلا بعداً وحيداً هو السياسي نظرياً وعملياً، مما أدى إلى بروز أزمة مزدوجة على الصعيدين المعرفي والسياسي. تمثلت هذه الأزمة سياسياً بحالة من الرومانسية أدت إلى العجز عن ممارسة السياسة كفن للممكن، وبتلك الدوغمائية التي أوقعت التنظير السياسي في الأيديولوجيا، من حيث هي وعي زائف، عجزت عن التأثير الفعلي في واقع الأشياء.