أعربت جمعية القضاة التونسيين، اليوم الاثنين، عن إستنكارها مسارعة الرئيس […]
أعربت جمعية القضاة التونسيين، اليوم الاثنين، عن إستنكارها مسارعة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بعرض مسودة مشروع مجلة القضاء الإداري على رئيس الجمهورية، رغم علمه اليقيني بالجدل الحاصل بخصوص مسار إعدادها، وما اتسم به من تفرد بالرأي من قبله في وضع أحكامها، بما أدّى إلى استقالة أعضاء اللجنة التي كان قد كلفها بنفسه لصياغتها.
وأكدت في بيان لها أن مشروع المجلة، وفي آخر صيغة عرضت فيه على قضاة المحكمة الإدارية، في شهر سبتمبر الماضي، “ليس إلا مسودة مشروع لا يزال محل نقاش وتشاور بين قضاة المحكمة، وقد تضمن عديد النقائص والإخلالات الجدية التي تستوجب مراجعات جوهرية وعميقة في اتجاه تكريس فعلي وسليم للهيكلة الجديدة للقضاء الإداري وتدعيم ضمانات استقلال القضاء وتيسير ولوج المتقاضين إليه”.
وأشارت إلى أنها “تأكدت، وبعد التشاور مع مكتب المجلس القطاعي للجمعية بالمحكمة الادارية، من عدم وجود نسخة نهائية من مشروع مجلة القضاء الإداري تكرّس ضمانات المحاكمة العادلة والضمانات الدستورية للقضاء الإداري ومبادئ نفاذ المواطنين إليه مصادق عليها من طرف لجنة الصياغة المتعهدة بذلك ومن الهياكل الرسمية للمحكمة”، مذكّرة في هذا الجانب بأن “الأساس القانوني للمجلة الجديدة للقضاء الإداري، هو أساس دستوري فرضته أحكام الباب الخامس من الدستور، وخاصة الفصل 116 منه، الذي أسس لهيكلة جديدة للقضاء الإداري تكرّس ضمانات استقلال القضاء ومبادئ المحاكمة العادلة وحق المتقاضين في الولوج إلى القضاء الإداري”.
ونبهت الجمعية إلى “خطورة مضامين مسودة مشروع المجلة، لانحرافها عن المبادئ الدستورية لتنظيم القضاء الإداري، وتراجعها الكبير عن أبسط الضمانات المكفولة بقانون المحكمة الإدارية لسنة 1972، وسعيها خاصة الى تكريس هيمنة مفرطة للرئيس الأول للمحكمة الإدارية العليا على مفاصل القضاء الإداري بكافة درجاته، بما يضرب استقلاليته واستقلالية قضاته وهيئاته الحكمية ويحدّ من نجاعته”.
كما تسعى مسودة المشروع أيضا، وفق الجمعية، “إلى إحداث مجلس مواز لمجلس القضاء الإداري منافس له في اختصاصاته، بما من شأنه أن يخلق تنازعا في الصلاحيات، وإرباك حسن سير القضاء الإداري، إضافة إلى الاستحواذ خارج أي أساس قانوني على مهمة التفقد القضائي الراجعة بالنظر للتفقدية العامة للشؤون القضائية، واستدامة معضلة عدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية التي طالما أرقت المتقاضين من خلال عدم ايجاد الحلول القانونية لها والمحافظة على الأحكام التي تفتقر إلى الصرامة الكفيلة بحلها”.
وطالبت جمعية القضاة الرئيس الأوّل للمحكمة الإدارية بتقديم توضيحات بخصوص ظروف تسليم مسودة المشروع إلى رئيس الجمهورية قبل عرضها على المجلس الأعلى للقضاء وعلى مجلس القضاء الإداري، ودون عرضها على عموم القضاة الإداريين والهياكل الممثلة للقضاة، “والغايات الكامنة وراء هذه الخطوة”، مشددة على “رفضها القطعي لتمرير مجلة القضاء الإداري على الصيغة التي صدرت عليها مسودة المشروع” .
وكان الرئيس الأوّل للمحكمة الإدارية مهدي قريصعية، قد التقى يوم 31 ديسمبر الماضي رئيس الجمهورية، وقدم له التقرير السنوي للمحكمة الإدارية لسنة 2020. كما أطلع رئيس الجمهورية، بالمناسبة، على مشروع مجلة القضاء الإداري، وعلى المشاريع المتعلقة بتطوير البنية الأساسية للمحكمة الإدارية.