بقلم: حافظ الغريبي في كل مرة يوشك الدخان الأبيض لتشكيل […]
بقلم: حافظ الغريبي
في كل مرة يوشك الدخان الأبيض لتشكيل الحكومة على الصعود من قصر قرطاج إلا وتتعطل الأمور مجددا والتبرير الذي ما فتئنا نسمعه هو ان المشكل ليس في الكفاءات بل في البرنامج وفي من يحمل البرنامج..
وفي آخر ظهور له عندما التقى رئيس الدولة مع أساتذة من القانون الدستوري تحدث هذا الأخير عن الكاستينغ الذي يقوم به لانتقاء مكلف بتسيير الحكومة وكيف أنه وبعد أن أمضى ساعة ونصف الساعة مع شخص ما اتضح أنه يكذب..
وإحقاقا للحق فإن الرئيس الذي لدغ من الجحر لا يريد ان يكرر السيناريو مجددا ويأتي بشخصية تنفلت منه وتلعب لحسابها الخاص لذلك تجده يؤكد أن لا معنى للكفاءة في التسيير فالإدارة تعجّ بالكفاءات بل الأهم هو من يحمل برنامجا..
وبالتوازي وفي ظل غياب تفاصيل او حتى شذرات حول هذا البرنامج فان كل التونسيين عاجزون اليوم عن تصور ملامح العصفور النادر الذي يبحث عنه الرئيس لتجسيم هذا البرنامج ووفق أي معيار سيتم انتقاؤه طالما ان الكفاءة لا تعني شيئا له وطالما أن الكذب الذي يمقته الرئيس هو سمة البعض إن لم نقل الكل.. فهل معنى هذا أن المعيار الأساسي هو الصدق والثقة في الشخص قبل كل شيء حتى يتولى تنفيذ برنامج قيس سعيد الذي لا يعرفه إلا هو أو أقرب مقربيه؟
سؤال قد نجد جوابه في ما رواه قيس سعيد سنة 2014 من داخل قصر قرطاج وضمن برنامج تفسيري للدستور نقلا عن الزعيم بورقيبة الذي يسجل حضوره بقوة في خطب قيس سعيد سيما خلال الأسابيع الأخيرة، وهذا موضوع ثان..
روى قيس سعيد أن رئيسا افريقيا نزل ضيفا بقصر قرطاج وكان في استقباله رفقة الوزير الأول ..ساعتها توجه بورقية للرئيس الافريقي بالسؤال إن كان يحفظ Fables de La Fontaine Les فأجابه بنعم، فقال له ترى من منا هو الغراب ؟ انفعل الرئيس الإفريقي لكن بورقيبة سرعان ما هدأ من روعه قائلا: أقصد أيا منا أنا أم الوزير الأول؟
ثم أضاف: أنا هو الغراب الذي يحمل قطعة الجبن في منقاره والثعلب هو وزيري الأول لكنه لن يفرح بقطعة الجبن أبدا..
واليوم شاهدنا كيف خرج هشام المشيشي من الباب الصغير لأنه أراد قطعة الجبن..
خرج وقد ازداد الرئيس قيس سعيد إصرارا على أنه لن يفرّط في قطعة الجبن البتة لذلك تجده يمطط الآجال ويتردد في التعيين، لكن نخشى ما نخشاه، والوضع الاقتصادي والمالي على ما هو عليه من تدهور، ان تنتهي صلوحية استهلاك قطعة الجبن وهي في فمه.. ساعتها إما أن نموت جوعا أو متسممين.
حافظ الغريبي