بقلم : عبد الرؤوف بوفتح يحكى.. ان احد الحكام المستبدين […]
بقلم : عبد الرؤوف بوفتح
يحكى.. ان احد الحكام المستبدين أمر باعتقال مواطن وحبسه انفراديًا في زنزانة مساحتها ثلاثة أمتار مربعة دون أي سبب ، فغضب المواطن وظل يركل باب زنزانته ويصرخ: “أنا بريء، لماذا تم اعتقالي وإيداعي السجن”..؟ ولأنه تجرأ ورفع صوته قائلًا : “أنا بريء” ، وأحدث بعض الهرج والاحتجاج ،، أتت الأوامر بنقله إلى زنزانة مساحتها مترا مربعا فقط ، فعاود صراخه ، لكن هذه المرة لم يقُل أنا بريء وإنما قال: “حرام تسجنوني في زنزانة لا يمكنني النوم فيها إلا جالسًا. صراخ المواطن مرةً أخرى أزعج سجّانه ، فأمر الأخير بإدخال تسعة سجناء آخرين معه في نفس الزنزانة. ولأن الوضع أصبح غير محتمل ، نادى المساجين العشرة وهم يستغيثون بصوت واحد : – “هذا الأمر غير مقبول، كيف لعشرة أشخاص أن يُحْشروا في زنزانةٍ مساحتها مترا مربعا واحدا ..؟! اغيثونا.. سوف نختنق ونموت ،، أرجوكم انقلوا خمسة منّا على الأقل إلى زنزانةٍ أخرى..! فما كان من السجّان الذي غضب منهم كثيرًا بسبب تململهم وضجيجهم واصواتهم المرتفعة ، ، إلا أن أمر بإدخال خنزير في زنزانتهم وتركه يصول ويجول بينهم.. تملّك الهلع الجميع ..وجُنّ جنون هؤلاء المساكين وأخذوا يرددون: – “كيف سنعيش مع هذا الحيوان القذر المتوحش في زنزانة واحدة ، ورائحة فضلاته التي ملأت المكان تكاد تقتلنا..؟ – أرجوكم لم نعد نريد غير إخراج هذا الحيوان النتن من هنا.. عندها ،، أمر الحاكم السجان بإخراج الخنزير وتنظيف الزنزانة لهم. وبعد أيام،، مر عليهم وسألهم عن أحوالهم، فقالوا بصوت واحد: – حمدًا لله، لقد انتهت جميع مشاكلنا..! وهكذا.. تحولت القضية منذ البداية من تعرضهم الى الظلم والاستبداد وهضم حقوقهم.. إلى المطالبة بإخراج الخنزير من السجن فقط.. ونُسيت مسألة مساحة غرفةالسجن ، والقضية التي قبلها ، والتي قبلها والتي قبلها.. حتى الحادثة الرئيسية الأولى التي تم سجن المواطن الأول بسببها باطلا ، لم يعد أحد يتذكرها، بمن فيهم أنت..عزيزي القارىء.. انها..نظرية الخنزير باختصار ، واسلوب حكامنا في ادارة شؤون القطيع ببلادنا . .. وهذا حالنا نحن في توتس وسائر الوطن العربي ، يخلقون لنا كل مرة مشاكل جديدة لكي ننسى المطالبة بحقوقنا الاساسية والعيش بكرامة البشر تحت الشمس. نعم.. انهم يطبقون علينا نظرية الخنزير بكل حذافيرها ومكرها ، وقذارتها.. وبكل براعة أيضا…! لماذا على الأغنياء في وطننا العربي أن يحيوا بسلام و آمان . و على الفقراء و على الجوعى أن يموتوا من اجل ان يحيا الوطن . يحيا الوطن لمن ؟؟؟. لاصحاب الكروش و العروش !. البهائم في اوربا لها حقوق ..صنعوا لها جمعيات حقوق الحيوان أما البشر في وطننا العربي ليس لهم الا المسالخ .. ليس لهم الا السجون .. ليس لهم المسخ والتهميش والاستبلاه وصناعة الوهم . في بلادنا تقطع يد من يسرق رغيف .. أما من يسرق “وطنا” تُقَبّل يده ..وتُفرش له زرابي الحصانة من كل جانب .. فينا من الحزن ماتبكي له مدن ، وتتحرك الجبال عطفا كي تواسينا . أوطان لم نحافظ عليها كالرجال .. أوطان لم نحترم فيها الانسان . سعر البترول أغلى من الانسان فيها . سعر الغاز أغلى من الانسان فيها . ولم يبق غير الملح..نُغَرْغره في حلوقنا.. وآثار الخديعة فينا.. كمثل الزجاج المكسور..!! أوطان .. ارخص ما فيها الانسان..!