تونس الآن
بعضنا يتعظ من خطإ الآخرين، وبعضنا أحرص من أن نعطيه درسا… لكنّ العديدين “لا يعرفون البقري إلاّ بالكرشة” كما نقول حين يستفزنا أحدهم بعناده. طيّب… سنقرع على الطبل بالحديد بدل العصا.
توقفوا عن القراءة وعودوا إلى الصورة المصاحبة لهذا النصّ… تأمّلوها… اقرؤوها… استوعبوا تفاصيلها كما لو كانت لوحة زيتية… بل هي كذلك… تلك الضحكة التي تخترق الشاشة التي بين يديك وصوتها البريء الحالم يلعلع في أرجاء الأذن الواعية… الضحكة انطفأت أيها المستهترون المتحدّون للفيروس الجامح الغادر ولم يستثن جولي، التلميذة ابنة الـ16 ربيعا… بل سأقول خريفا لأنّ شمعتها انطفأت.
أيّها المستهترون من الشباب (وبعض الكهول أيضا)… الغول يترصّدكم وينتظر بفارغ الصبر غفلة ليخطف البريق من أعينكم كما عبث ببريق عيني جولي وقتل بهجة الحياة فيها. لعلها كانت تقول مثلكم إنّ الفيروس يختار المسنين كوجبة مفضلة… لقد استهانت ـ كما تقول التقارير الطبية ـ بسعال كان يطرق صدرها طرقا خفيفا ولم تتخيّل أنّ الوباء لم يأت للسياحة هناك وهنا، ومن مازال في جعبته بقايا سوء فهم أو عناد أو تحدّ عابث للوضع المطبق أنّ كورونا لا يطلب من الضحية بطاقة تعريفه ليحكم عليه بالموت إن كان مسنّا أو شابّا أو فقيرا أو غنيّا أو أعزب أو ينتظره في البيت أطفال لا عائل لهم غيره.
ماتت جولي الفرنسية، وإنّي أخشى على جوليات أخريات في بلدي وأخشى على اليافعين منّا خصوصا لأنّهم الأكثر تنطعا بيننا وسأظلّ أرعبكم مرّة بعد مرّة حتى تتيقنوا أنّ حتمية البقاء بالبيت هي حتمية الحكم عليكم براحة البال بدل الندم حين لا يفيد الندم.
ناصح