أصدر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين اليوم ردا على بيان […]
أصدر المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين اليوم ردا على بيان الهيئة الوطنية الهيئة الوطنية للمحامين الصادر بتاريخ 29 أفريل 2020 وكذلك على فحوى المراسلتين الموجهتين من هيئة المحامين إلى وزيرة العدل بتاريخ 29 و30 أفريل 2020 ، وذلك على خلفية إصدار المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 28 أفريل 2020 لمذكرة حول تدابير العمل القضائي مع التوقي من مخاطر الوباء المستجد ” كوفيد 19 ” ،واللتين عبر فيها مجلس الهيئة عن رفضه لتلك المذكرة ،
وأبدت جمعية القضاة التونسيين في ردها استغرابها من خروج بيان المحامين عن قواعد الخطاب المؤسسي و”تبني نهج العنف والتشنج في مرحلة دقيقة تمر بها البلاد تستدعي توحيد الجهود والتخلي عن أية ممارسات تزيد في تأزيم الأوضاع وتغذية التجاذبات القطاعية العقيمة المضرة بالمصلحة الوطنية” .
كما بينت جمعية القضاة أن إيقاف العمل بالمحاكم لم يكن بقرار أحادي من المجلس الأعلى للقضاء بل كان إثر المطالبة بذلك من أغلب مكونات منظومة العدالة من قضاة ومساعدي قضاء وهياكلهم الممثلة ومن بينها الهيئة الوطنية للمحامين طبق بيانها الصادر بتاريخ 17 مارس 2020 والذي دعت فيه السلط المختصة إلى تعليق آجال التقاضي والطعون وإجراءاتها بصفة صريحة كما طالبت بالاقتصار على الحد الأدنى من الخدمات بالمحاكم الأمر الذي أفضى إلى صدور المرسوم عدد 8 لسنة 2020 المؤرخ في 17 أفريل 2020 المتعلق بتعليق الإجراءات والآجال ..
وذكر المكتب التنفيذي للجمعية بمساهمات المجلس الأعلى للقضاء بصفته الهيكل الدستوري الموكول له ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله في المجهود الوطني للتوقي من تفشي وباء كورونا ضمن توجهات السياسة العامة للدولة وتشريعاتها قد بادر ثم جاء الر د على النحو التالي :
“أولا: يعبر عن رفضه لخطاب الهيئة الوطنية للمحامين لما اتسم به من استعمال لمنطق القوة وفرض مطلب إرجاع مرفق العدالة للعمل الكامل في تجاهل تام لبقية مكونات منظومة العدالة من إطار للكتبة والموظفين والأمنيين والعملة وتجاهل تام للحالة الوبائية التي تمر بها البلاد في هذا الظرف الدقيق والذي استوجب من كافة مؤسسات الدولة الرجوع التدريجي لاستئناف العمل حفاظا على أرواح التونسيين وعلى الأمن الصحي لكافة المواطنين.
ثانيا: يؤكد على أن موقف الهيئة الأخير غير مبرر خصوصا وأن المجلس الأعلى للقضاء قد أكد مواصلة متابعته للوضع بحسب تطور الظروف الصحية بما يعني مواصلة التشاور بين كل الأطراف التي انطلق التشاور معها منذ بداية إدارة الأزمة ومنها الهيئة الوطنية للمحامين كما يلاحظ في هذا الخصوص أن التشاور مسؤولية تقوم على المبادرة المشتركة والتنسيق المحكم بين كل الأطراف المعنية.
ثالثا: يوضح مجددا أن العمل القضائي وطبق مذكرات المجلس الأعلى للقضاء لم يتوقف خلال مدة الحجر الصحي وقد تواصل في المجالات الحيوية والأساسية التي تهم أمن المواطنين وحسن تطبيق إجراءات الحجر الصحي وحظر الجولان والتصدي للاحتكار بما أسهم إسهاما فعالا في إنفاذ وإنجاح قرارات الحجر الصحي العام فضلا على عدم توقف العمل في النزاعات الماسة بالحقوق والحريات بمواصلة النيابة العمومية للعمل بنظام الاستمرار وانعقاد الجلسات بكافة المحاكم للنظر في قضايا الموقوفين في المادة الجناحية والنظر في مطالب السراح بالنسبة إلى الموقوفين في المادة الجنائية كالتعهد بحالات الطفولة المهددة وقضايا العنف ضد المرأة وتفعيل القضاء شديد التأكد بالنسبة إلى المتقاضين في المادة المدنية وفي قضايا تأجيل وتوقيف التنفيذ وفي الملفات الاستشارية أمام المحكمة الإدارية ذات الصلة بمشاريع النصوص المتعلقة بتسيير دواليب الدولة خلال فترة الحجر الصحي وذلك بمقتضى مذكرات العمل الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء.
رابعا: يشير إلى أن السياسة العامة التي انتهجتها بلادنا في تبويب الأولويات من خلال تقديم المصلحة العامة الصحية على المصالح الاقتصادية ، على أهميتها ، وفي التدرج في عودة العمل بالنسق العادي هي التي جنبت التونسيين الأوضاع الكارثية التي تعيشها دول أخرى وإن تدعيم هذا النجاح يستوجب ألا يخرج إرجاع العمل بالمحاكم عن هذه السياسة وألا تختزل العودة إلى النظام المعتاد في مبرر الضرر الاقتصادي كما أشار إلى ذلك بيان الهيئة.
خامسا: يؤكد على أن مطالبة وزارة العدل باتخاذ الإجراءات الضرورية لإرجاع مرفق العدالة للعمل الكامل بصفة منفردة وبمنأى عن المجلس الأعلى للقضاء باعتباره المؤسسة الدستورية المشرفة على السلطة القضائية والمتدخلة في تسيير مرفق العدالة يعد تعديا على دستور 2014 الذي نص على استقلال القضاء وضربا لهذه الاستقلالية واستقواء بالسلطة التنفيذية ودعوة واضحة لها لتنظيم سير العمل القضائي الموكول للمجلس في خرق واضح للقانون المنظم للمجلس الأعلى للقضاء.
سادسا: يشدد على أن هذه الدعوات المتشنجة لا يمكن أن تمثل حلا للإشكاليات المطروحة على مرفق العدالة ومن شأنها أن تخلق أزمة في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة التي تمر بها بلادنا والتي ستضر بحسن سير القضاء وبتواصل هذا المرفق الحيوي .
سابعا: يؤكد على أن هذه المرحلة تقتضي تضافر جهود كل مؤسسات الدولة المشرفة على مرفق العدالة وتعاونها وتكاملها وإبداء أعلى درجات التنسيق بينها وعلى ضرورة تشاورها مع جميع المتداخلين في الشأن القضائي لتلافي جميع الإشكاليات في علاقة بتسيير المرفق القضائي بعيدا عن خطابات التشنج والتصعيد وبعد أخذ الحالة الصحية في البلاد بعين الاعتبار والتنسيق مع الجهات الصحية المختصة.
ثامنا: يطالب المجلس الأعلى للقضاء بتنسيق الجهود وعقد الاجتماعات مع كافة الأطراف المعنية ومكونات منظومة العدالة من أجل الإنصات للإشكاليات المطروحة والاستئناس بالمقترحات وإيجاد الحلول واتخاذ الإجراءات المناسبة ووضع آليات متابعة التنفيذ حسب الاختصاصات.
تاسعا: يعول على السادة رؤساء المحاكم والمشرفين عليها وعلى عموم القضاة بمختلف أصنافهم ورتبهم لحسن تطبيق مذكرات المجلس الأعلى للقضاء وإنفاذها ضمانا لإنجاح إدارة العدالة في كنف الاستقلالية في هذه المرحلة الدقيقة.