أثرت جائحة كوفيد-19 بشكل كبير على تونس وأدت إلى هبوط […]
أثرت جائحة كوفيد-19 بشكل كبير على تونس وأدت إلى هبوط اقتصادي غير مسبوق، حيث تشير التقديرات انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة قدرها 8,2% في عام 2020، وهو أكبر هبوط اقتصادي شهدته تونس منذ استقلالها.
وقفز معدل البطالة إلى 16,2% في نهاية سبتمبر الماضي، مما أجج اضطرابات اجتماعية، كما تباطأ التضخم نتيجة الانكماش في الطلب المحلي وانخفاض أسعار الوقود الدولية. وتزامن ذلك مع تدهور الصادرات على خلفية اجراءات الحجر الصحي المتخذة في جميع دول العالم وانهيار عائدات السياحة.
وتشير التقديرات إلى أن عجز المالية العمومية (باستثناء المنح) بلغ 11,5% من إجمالي الناتج المحلي. وانخفضت الإيرادات نتيجة انخفاض الحصيلة الضريبية. وأدى التوظيف الإضافي (40% منه تقريبا في قطاع الصحة، لأسباب من بينها مكافحة جائحة كوفيد-19) إلى رفع كتلة أجور القطاع العام إلى 17,6% من إجمالي الناتج المحلي، لتصبح ضمن أعلى الكتل في العالم.
وتم تعويض ارتفاع النفقات بانخفاض نفقات الاستثمار ودعم الطاقة، ونتيجة لارتفاع عجز المالية العمومية والانكماش في إجمالي الناتج المحلي، تشير التقديرات إلى ارتفاع الدين العام المركزي إلى قرابة 87% من إجمالي الناتج المحلي.
ومن المتوقع أن يتعافى نمو إجمالي الناتج المحلي مسجلا 3,8% في عام 2021 مع بدء انحسار آثار الجائحة. غير أن قدرا كبيرا من المخاطر المعاكسة يحيط بهذا التوقع، نظرا لعدم اليقين المحيط بمدة الجائحة ومدى حدتها وتوقيت إجراءات التطعيم.
وفي السياق ذاته اتفق المديرون التنفيذيون بصندوق النقد الدولي مع الخط العام لتقييم خبراء الصندوق. وأشاروا إلى تفاقم أوجه الهشاشة الاجتماعية-الاقتصادية في تونس بسبب أزمة جائحة كوفيد-19. وأثنوا على تحرك السلطات على مستوى السياسات لمواجهة الأزمة.
وذكر المديرون أن مخاطر التطورات السلبية تهيمن على الأوضاع رغم توقعات تعافي النمو بدرجة محدودة في عام 2021. واتفقوا على أن الأولوية العاجلة تتمثل في إنقاذ الأرواح والأرزاق وتحقيق الاستقرار الاقتصادي لحين انحسار الجائحة. وذكروا أنه ينبغي للسياسة الإقتصادية أن تركز كذلك على استعادة الاستدامة المالية وبقاء الدين في حدود يمكن الاستمرار في تحمّلها، وتشجيع النمو الشامل .
وأوصى المديرون بضرورة أن يكون خفض العجز المالي هو هدف سياسة المالية العمومية وما يتعلق بها من إصلاحات. وفي هذا السياق، أكدوا على الحاجة إلى خفض فاتورة الأجور والحد من دعم الطاقة مع إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة العامة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للمستحقين. وأشار المديرون إلى أن الدين العام التونسي من الأرجح أن يبلغ مستوى غير مستدام ما لم يُعتمَد برنامج قوي وموثوق للإصلاح يحظى بتأييد واسع النطاق. ودعوا كذلك السلطات إلى تعزيز عدالة النظام الضريبي وجعله أكثر دعما للنمو وحثوا على اتخاذ إجراءات لتسوية المتأخرات المتراكمة في نظام الضمان الاجتماعي.
وشدد المديرون على ضرورة تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق للمؤسسات العمومية بغية تخفيض التزاماتها الاحتمالية. وحثوا السلطات على اعتماد خطة للحد من مخاطر هذه المؤسسات على المالية العمومية والنظام المالي، وتعزيز الحوكمة المؤسسية، وتحسين إعداد التقارير المالية والشفافية.
وأكد المديرون أن تشجيع نشاط القطاع الخاص يمثل مطلبا حيويا من أجل زيادة النمو الممكن وجعله أكثر توليدا لفرص العمل وأكثر احتواء لشرائح المجتمع إلى جانب ضرورة تركيز جهود الإصلاح على إلغاء الاحتكار، وإزالة العقبات التنظيمية، وتحسين بيئة الأعمال.
كما رحبوا بالجهود المبذولة لزيادة الشمول المالي والاستفادة من التكنولوجيات الرقمية. وشدد المديرون على أهمية تعزيز الحوكمة ودعوا إلى فعالية تنفيذ نظم مكافحة الفساد ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وشددوا كذلك على ضرورة توخي الفعالية والشفافية في المصروفات المرتبطة بالجائحة. ورحب المديرون بهدف الاستثمار في الطاقة المتجددة للتصدي لتغير المناخ.
ومن المتوقع إجراء مشاورات المادة الرابعة القادمة مع تونس على أساس الدورة الاعتيادية البالغة 12 شهرا.