بعد مرور 45 يوما من الحجر الصحّي الذي صاحب الخطة […]
بعد مرور 45 يوما من الحجر الصحّي الذي صاحب الخطة الوطنية للتوقّي من فيروس كورونا، تخرج تونس من وضع الجمود الذي فرض عليها منتصرة معنويا على الأقل بعد أن تمكنت من تجنّب الأسوإ. هذا الخروج ليس نهائيّا ولا اعتباطيّا، بل تولّت الحكومة إعداد خطّة لما أسمته الحجر الصحّي الموجّه ولم تسمّه رفع الحجر الصحّي الشامل.
بشكل عام، ارتكزت خطة الحجر الصحّي الموجّه على مبادئ عامة واضحة وأهمّها التحكم في الوضع الصحّي العام والانفتاح على الأنشطة الإنتاجية ذات الأولوية بحكم ارتباطها بالمجالات المعيشية والتموينية أو بحكم استحالة اعتمادها على العمل عن بعد، أو بحكم تعرّض بعض القطاعات لصعوبات كبرى. والخطة تأخذ بالضرورة بعين الاعتبار مبدأ التدرج والتقييم والاستباق، وهي بالأساس امتحان ثان للتونسيين بعد مساهمتهم الجدّية في إنجاح مرحلة التوقّي والتصدّي للوباء والمحك هو تحمّل المسؤولية المجتمعيّة لكلّ فرد، وتوفير المجتمع الحماية للفرد.
من يخرج ومن يمنع من الخروج؟
ومن أهمّ ما جاء في الخطة تحديد القطاعات والفئات المعنية إمّا بمواصلة الحجر الإجباري كالأطفال دون الـ15 سنة والمسنين فوق الـ65 سنة، والحوامل والمصابين بأمراض مزمنة، وإمّا بالترخيص بالخروج المشروط من الحجر حسب متطلبات التوقي الذاتي والمساهمة في إنجاح التوقي الجماعي بالنسبة للفرد، وكذلك التزام المجموعة الوطنية بتوفير سبل إنجاح الخطة خصوصا ما كان منها في قطاع النقل الحضري العمومي(الحافلات والمترو الخفيف) والخاص( منظومة التاكسي الفردي والتاكسي الجماعي)، وإلزام الجميع بضرورة احترام جميع إجراءات السلامة في رحلة التنقل بين المنزل ومقرّ العمل.
وفي مقرّات العمل التي تمّ تحديد شروط فتحها للإنتاج إدارة، ومحلا لإسداء الخدمات، ومصنعا، ومحلا تجاريا، وتمّ التأكيد على ضرورة تأمين جميع شروط السلامة فيها من جانب العامل المطالب وجوبا بحمل الواقي وبالتباعد الاجتماعي، ومن جانب صاحب المسؤول بتوفير مواد التنظيف والتعقيم ووسائل النقل الضرورية للعملة والموظفين، وبالشروط العامة للنقل الجماعي.
وبحكم تداخل عديد القطاعات المعنية بالحجر الموجّه، تمّت مركزة التراتيب والمقترحات لدى وزارة المشاريع الكبرى وتمّ ضبط بروتوكول عام للحجر الموجّه، مع إلزام كل قطاع معنيّ بإعداد بروتوكول يعتمد خصوصياته وهو كراس شروط ملزم وخارطة طريق تحترم الخطوط الكبرى للبروتوكول العام.
الكل والجزء
ومن أهمّ ما جاء في الخطة تفصيلها إلى ثلاث مراحل لتحقيق مبدإ المرونة والانسيابية، خصوصا في ظل إمكانية خروج مليون ونصف المليون من الحجر وما يتطلب ذلك من تخطيط لعدم خرق القواعد العامة للتوقي الصحّي المتواصلة.
ولم يفت الوزراء الحاضرون في الندوة الصحفية أن يؤكدوا ـ كلّ في اختصاص وزارته ـ أنّ الحجر الصحّي الموجّه ليس رفعا للحجر، ومن سيعودون إلى سالف أنشطتهم ليسوا أهل حظوة أو أقلّ شأنا من غيرهم، والهدف السامي هو المساهمة في ضمان استمرار التوقي والاحتياط من كلّ ارتداد إلى الوراء أو استهتار فيضيع منّا ما راكمناه طيلة شهر ونصف الشهر. وتشديد الوزراء على الانضباط يعني أنّ عدم احترام شروط خطة الحجر الموجّه يعني وجود وسائل لفرض ذلك الانضباط، وإن لزم الأمر فإنّ حرمان شخص أو مؤسسة أو قطاع من فرصة العودة إلى النشاط ليس مستبعدا.
وما على الجميع الوعي به أنّ المسألة لا تستأهل استعجالا ولا لهفة، فحين يحين لفرد أو مؤسسة أو قطاع موعد الخروج المشروط من الحجر فإنّ ذلك الموعد ليس سوى دعوة إلى المساهمة في إخراج البلاد ممّا هي فيه من حالة جمود، ومن سبقه إلى الخروج لم يتمتّ‘ بغنيمة ولم يفز بسبق على غيره. هو جزء من كلّ والغاية أن يتمّ تنسيق حركة المجاديف لتتحرك السفينة وتنطلق.