تعقد محكمة النقض في باريس، غدا الخميس، جلسة استماع في […]
تعقد محكمة النقض في باريس، غدا الخميس، جلسة استماع في قضية عمر الرداد، المغربي المتهم بقتل مشغلته قبل 30 عاماً.
ورغم مرور كل هذه السنوات، فإن هذه الجريمة ما زالت تثير الاهتمام في فرنسا والعالم العربي، نظراً لغموضها وغرابتها.
تغير لون شعره قليلاً، لكن ملامحه ما زالت ثابتة، تماماً كما يتشبث ببراءته من تهمة قتل مُشغلته منذ ثلاثين عاما.
“عمر قتلني”، بأحرف فرنسية كبيرة، مدادها دم امرأة فرنسية ميسورة الحال، تدعى “جيزلين مارشال”. عبارة واحدة كانت الحل واللغز في الآن ذاته.
جيزلين، وُجدت غارقة في دمائها، وغير بعيد منها كُتبت عبارة “عمر قتلني”، في إشارة إلى عمر الرداد الذي كان يعمل بستانيا لديها آنذاك، وعمره لا يتجاوز السابعة والعشرين.
اكتشفت جثة القتيلة بعد تحريات لرجال الدرك، الذين تلقوا تنبيها من جيران الراحلة بعد مُلاحظتهم غيابها. ليتم العثور على جيزلين جثة هامدة غارقة في دمائها بقبو فيلتها، بمنطقة موجين، قرب نيس الفرنسية.
بسرعة كبيرة، ودون تردد وُجهت التهمة إلى المهاجر المغربي، الذي اعتقل وحُكم عليه بالسجن النافذ 18 عاماً.
الشاب المغربي الذي هاجر إلى فرنسا آنذاك بحثاً عن تحقيق ذاته، والعمل في مجال البستنة، تشبث ببراءته، نافيا في جميع مراحل التحقيق والتقاضي وجود أي علاقة له بالجريمة.
إلا أن المحكمة كان لها رأي آخر، إذ اعتبرت أن تلك العبارة دليل كافٍ لإدانته بتهمة قتل مُشغلته، لتصدر في حقه، عام 1994، حكما نافذاً بالسجن 18 عاماً.
وأثارت القضية في ذلك الوقت جدلاً واسعاً، إذ شككت جهات عدة في صوابية الحُكم القضائي، مُعتبرة أنه جاء بخلفية “عُنصرية” تُجاه مهاجر مغاربي.
ومما زاد من حدة الانتقادات وجود أدلة تُؤكد أن اتجاه كتابة العبارتين يتناقض والوضع الذي وجدت فيه الجثة ملقاة داخلَ القبو. إضافة إلى أن وجود أدلة أخرى أثبتت أن ثلثي حروف العبارتين لا تتسقان وخط المجني عليها.
كما استغرب الرافضون للحكم القضائي سلامة الحروف واستقامتها، ما دفعهم للتساؤل عما إذا كانت امرأة في سكرات الموت بعد تعرضها لطعنات قاتلة ستكتب تلك العبارة، بحروف كبيرة مستقيمة.
وذهب أصحاب هذا التوجه إلى القول بأن المرأة إذا كانت قادرة على الوقوف والكتابة، فلماذا لم تفكر في البحث عن النجدة وإنقاذ نفسها، وليس تضييع الوقت في الكتابة على الحائط.
وبعد قضائه سبع سنوات في السجن، حصل عمر الرداد على عفو رئاسي من الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك.
تخفيف العقوبة الجنائية إلى أربع سنوات وثمانية أشهر، ومُغادرته أسوار السجن عام 1998، لم يسقط التُهمة عن عمر، إذ ما زال إلى اليوم يتحمل المسؤولية الجزائية عن مقتل مُشغلته، وفقاً للنصوص القانونية الفرنسية.