لاحظ المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة في بيان له […]
لاحظ المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة في بيان له ما وصفه بتنكّر نص مشروع الدستور الجديد لمبدأ مدنية الدولة وتنكّره أيضا للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان واستبدالها بمقاصد الإسلام التي أصبح تحقيقها من مهام الدولة، مما يقود ضرورة إلى إقامة دولة دينية على هيئة دولة الخلافة حيث تتقاطع “الأمة الإسلامية” مع منهج دعاة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” في فصول مُختلفة من النص المُقترح مُنبئة بمرجعية لا علاقة لها بالدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وفي عبارات فضفاضة تفتح الأبواب على مصراعيها للتأويلات المتطرفة وللتجاوزات الخطيرة.
وندّد المرصد بانعدام أية إشارة في النص المُقترح إلى المبادئ الكونية لحقوق الإنسان، والحال أنها هي أساس الجمهورية المدنية الديمقراطية، والضامن للمساواة الفعلية بين المواطنات والمواطنين، جاعلا منها مجرد ملاحق لمقولة “مقاصد الإسلام “بضبابيتها النظرية واختلاف التأويلات في شأنها داخل منظومة التشريع الإسلامي وخارجها، فاتحا بذلك الباب أمام كل التجاوزات والانزلاقات والفتاوى الرّجعية في جميع مجالات الحياة، خاصّة عندما أسند الفصل 5 في المشروع للدولة مهمة تحقيق هذه المقاصد في الواقع المعيش، بما يتقاطع مع أطروحات الإسلام السياسي بشأن مفهوم الأمّة الإسلامية، بينما المطلوب من الدولة المدنية الحديثة هو حيادُها إزاء المسائل العقائدية وانشغالها فقط بما يضمن العيش المشترك بين المواطنات والمواطنين دون أي تمييز بحسب نص البيان.
وعبّر المرصد عن بالغ انشغاله إزاء ”السلطة المُفرطة التي يمنحها هذا الدستور لشخص رئيس الجمهورية، وهيمنته على كافة السلطات، في غياب تامّ لكلّ آليات المساءلة والمراقبة، وهو ما يُؤسس لنظام كلياني استبدادي من شأنه أن يقطع الصلة بين رئيس الدولة والشعب، ويُشوّش العلاقة بين البلاد التونسية وسائر الدول التي تتعامل معها ”.
كما عبّر المرصد عن استغرابه الشديد من توطئة هذا الدستور وبما جاء فيها من خلط يحطّ من هيبة الدول، وبما اتّسمت به من نزعة ذاتيّة نرجسية هيمنت فيها رؤى شخصية وقراءة غريبة لتاريخ بلادنا تضخّم بعض الأحداث الجزئية وتتجاهل أو تنكر أخرى أكثر أهميّة! هذا علاوة على الأسلوب الضعيف والأخطاء اللغويّة وفق نص البيان.
ودعا المرصد رئيس الجمهورية الى التراجع حالّا عن هذا النص” الضحل والهجين والخطير، وهو، في حال عدم التراجع، يدعو القوى الديمقراطية المدنية إلى التكاتف من أجل أن يكون لتونس دستور يليق بها وبمستقبلها وبتطلّعات شعبها ”.