وجه عدد من مكونات المجتمع المدني في صفاقس اليوم الجمعة […]
وجه عدد من مكونات المجتمع المدني في صفاقس اليوم الجمعة 26 فيفري 2021 رسالة مفتوحة إلى الرؤساء الثلاثة حول تأخر التلاقيح والضغوطات الأجنبية.
وحملوا الرؤساء الثلاثة مسؤولية كل من يصاب بالكورونا لتأخر في التلقيح وكل متوف يفقده أهله لانعدام التلقيح وكل فاقد لعمله في الحقل السياحي لتحاشي السياح تونس الموبوءة.
وطالبوا الرؤساء الثلاثة بالتوجه فورا إلى أصدقاء الشعب التونسي في العالم ليسعفوه مجانا أو بالمقابل بجرعات اللقاح.
وفيما يلي نص الرسالة كاملا
“أي رئيس نسأل عن حالنا ونحن نخط هذه الأسطر؟ ولتكن هذه الرسالة إلى ثلاثتكم وأنتم مسؤولون تماما عن صورة بلد تهرّى وشعب تعرّى ولقاح تأرجح زمن وصوله، وقد تغير وضعنا بالنسبة إلى هذا اللقاح بين أن نكون مبدعين في اكتشافه وصناعته إلى متسوّلين مقهورين ومغلوبين على أمرهم.
ثلاثتكم مسؤولون عن هذه البيزنطيات التي تصرّحون بأنّها مهمة للغاية في تطبيق الدستور وقراءته، كل من وجهة نظره. لكن قراءة النص بتأويلاته المتعددة تؤدي إلى إهمال الحالة الصحية للمواطن والوطن لتضحي مهددة بصورة خطيرة، مع حالة نفسية باتت على شفا الاكتئاب الجماعي… فلا أفق يتضح من تصريحاتكم.. ولا مصير يتجلى من مسك الريشة والكتابة بخط مغربي أو قيرواني… ولا صمت التقية يساعد على حلّ معضلاتنا…ولا الهروب إلى التغيير تلو التغيير وتعويض الوزير بالمدير.. فماذا نتج عن خصوماتكم؟ جهل بالمصير لدرجة تجعلنا نشكّ أصلا في هيئاتكم العلمية وأرقامكم وقراءاتكم وفي وعود وزارة الصحة التي أضحت مضطربة وصولا إلى القرف ورعشة الموت.
ولنا أن نلقي أسئلتنا من وحي “الغبينة” التي تحلّ بنا ونحن أبناء قرطاج التي أنجبت ماغون وأنجبت عبدالشمون.. وأبناء القيروان التي أنجبت ثلاثة من أعظم أطباء العرب، فنُقلت كتبهم خلسة إلى بلاد الفرنجة عبر قستنطين الإفريقي وبذلك نشأت مدرسة سالرنو الطبية بأوربا… افتحوا غوغل لتجدوا اعترافا واضحا جليا بنا من أهل إيطاليا.. وكيف لا نخجل منكم وقد دفعنا بأبنائنا إلى ما وراء البحار ليفخر اليوم بعلمهم وعملهم أهل أوربا وأمريكا وحتى أستراليا..؟ لماذا لم نتحصل على لقاح كورونا؟ ككل المواطنين، تساءلنا لماذا وصلنا إلى الحضيض اليوم، ونحن نبحث لا عن اللقاح بل عن بقايا لقاح ضد الفيروس اللعين؟ نحاول أن نفكّر ونربط بين بعض المعطيات التي سمعناها مثلكم:
أولا: أعلن معهد باستور التونسي، في صيف 2020، أنه بصدد القيام ببعض الأعمال العلمية الجيّدة في إنتاج لقاح ضد الفيروس.
ثانيا: سمعنا من السيد مدير معهد باستور بتونس، أنه لا يمكن لبلادنا أن تتمّ الأبحاث، لأن معهدنا مرتبط ارتباطا وثيقا بالمعهد الأم بفرنسا، كأغلب البحوث والباحثين، أي إن البحوث تستمر لتجد نتيجة ما في فرنسا!!
ثالثا: لماذا أعلنت مصادر تونسية أن تونس سوف تكون من البلدان الأولى التي يصلها اللقاح؟ ذاك ليقين بأن المعهدين التونسي والفرنسي كانا كذلك على يقين علمي بوصولهما إلى لقاح في الثلاثي الأخير من سنة 2020.
رابعا: هل تكون وزارتنا قد راهنت كليا على العلاقة الوطيدة بفرنسا ولم تبذل أيّ جهد للتعامل مع مخابر أخرى ودول أخرى ليقينها بأن فرنسا هي الحلّ لتونس؟ هذا الرهان القاتل، ما اسمه؟
خامسا: أعلنت وسائل الإعلام الفرنسية أن المخابر الفرنسية فشلت كليا في إنتاج اللقاح، لذلك لجأت سريعا وفي الإبان إلى عقد اتفاقيات ومعاهدات أوربية ودولية مع مخابر بفايزر وبيونتاك ومودرنا وأسترا زينيكا وغيرها.. وهو ما لم تقم به تونس.. لتعويلها على فرنسا التي تركت تونس في الانتظار على قارعة الطريق، لارتباطاتها الأوربية قبل أي ارتباطلها بتونس أو إفريقيا!.
سادسا: ألم تمنع ضغوط من جهات معيّنة الرؤساء الثلاثة من التنقل إلى الصين أو روسيا؟ أتصور أنه لو تنقل أحدهم إلى بلد ما من مثل هذين العملاقين، لعاد ومعه مليونا جرعة، وهو ما لا يمثل أمرا جللا بالنسبة للمليار جرعة التي صنّعتها الصين أو الخمسمائة مليون جرعة التي تصنّعها روسيا. وهل تبقى الجزائر الشقيقة ملجأنا كما صرّح بذلك وزير خارجيتنا الذي تخفّى إثر ذلك؟
سابعا: بعض ما ذكرنا هو الحقيقة وبعضه من وحي السؤال لكثرة ما أصابنا من ألم و”غبينة” نحسّ بها ويحسّ بها كلّ تونسي اليوم، ونحن نتفتت في هذا العيد العاشر للثورة، ونترقّب كالأيتام فتاتا من موائد غيرنا.
السادة الرؤساء.
سوف يذكر التاريخ أن الشعب التونسي سعيد بأنه تمّ وضع اللقاح،هذه الأيام، على ذمة اللاجئين الفلسطينيين، لكنّ سعادته هذه هي بطعم المرارة على حاله.
وسوف يذكر التاريخ أنّه في الوقت الذي كانت تتم تجربة اللقاح الصيني على إخوتنا في المغرب كان المسؤولون التونسيون يتخبطون في إسقاط رئيس الحكومة بتهمة الفساد..!!
وسوف تتحملون مسؤولية كل من يصاب بالكورونا لتأخر في التلقيح.. وكل متوف يفقده أهله لانعدام التلقيح.. وكل فاقد لعمله في الحقل السياحي لتحاشي السياح تونس الموبوءة..
وسوف تتحملون مسؤولية القهر الذي يشلّ حركتنا وتنفسنا و”الغبينة” التي تنخر أوصالنا ومسؤولية فشلكم وإحساسنا بالهزيمة لأننا صوتنا لكم واعتقدنا بأننا حسنا فعلنا.
والآن، لم يبق لكم من حلّ – إن أنتم، أيها السادة، تحمّلتم الأمانة والمسؤولية- سوى أن تتوجهوا فورا إلى أصدقاء الشعب التونسي في العالم ليسعفونا الآن – مجانا أو بالمقابل – بجرعات اللقاح التي يحتاج إليها شعبنا ليحافظ على صحته وسلامته واقتصاده وبقائه.”