سياسة : يبدو انه لم يعد لحركة النهضة التي كانت تقلدت الحكم منذ سنة 2014 ما تقدمه في المشهد السياسي بعد الضربات المتتالية التي تلقتها في الآونة الأخيرة واخرها إيقاف زعيما راشد الغنوشي .
تونس الان:
يبدو انه لم يعد لحركة النهضة التي كانت تقلدت الحكم منذ سنة 2014 ( شكلت حكومات وترأستها وهندست اخرى )ما تقدمه في المشهد السياسي بعد الضربات المتتالية التي تلقتها في الآونة الأخيرة واخرها إيقاف زعيمها راشد الغنوشي .
القفز من سفينة النهضة انطلق منذ سنتين تقريبا اذ شهدت موجة استقالات بالجملة لأسماء من الوزن الثقيل ومن قيادات الصف الأول في الحركة على غرار لطفي زيتون وعبد اللطيف المكي وسمير ديلو وعماد الحمامي وقيادات أخرى .
استقالات اغلبها جاءت بسبب ما اطلق عليه تمدد جناح الغنوشي داخل الحركة، اذ لم يكن هناك صدى للأصوات المعارضة له داخل الحركة ما عدى أصوات الموالين للغنوشي .
اغلب من استقالوا من الحركة ارجعوا السبب الى تشبث الغنوشي بالبقاء على راس الحركة، خبر لم تفلح اسوار مونبليزير في قبره ، خرج للعلن وبات الجميع يعلم أن راشد الغنوشي يرفض الخروج من رئاسة الحركة وينوي الترشح في المؤتمر القادم ويبحث عن ضمانات لوصوله على اعتبار توسع جبهة معارضيه داخل الحركة.
وفي الوقت الذي ما زالت فيه الحركة تبحث عن مخرج للمؤتمر الحادي عشر وترمم الشقوق والشروخ التي تركتها استقالات قيادات وازنة من الحركة خاصة مع ما يعرف على النهضة من انها من اقوى التنظيمات صلابة من الداخل جاء 25 جويلية ليقض مضاجع النهضويين ومن هناك انطلقت مرحلة أخرى من رحلة الزوال.
قيادات من النهضة كانت في سدة الحكم وفي وزارات السيادة جُرّت اغلبها الى أروقة المحاكم وبعضها الاخر الى الزنازين، ولعل اهمهم رئيس الحكومة الأسبق ووزير الداخلية الأسبق علي العريض الموقوف حاليا على ذمة قضية تسفير الشباب الى بؤر التوتر.
وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري هو أيضا موقوف بسجن المرناقية في قضية تهم امن الدولة والتحريض على العنف والتقاتل بين السكان، ولمن يعلم فإن الرجل الثاني داخل النهضة بعد الغنوشي وهو أكبر داعم لبقائه على راس الحركة.
حتى القيادة التاريخية لحركة النهضة رغم استقالتها الا انها جُرت الى المحاكم اكثر من مرة وهي التي كانت بالأمس تمسك بالدولة، وهنا نتحدث عن رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي.
ومنذ يومين طالت حملة الايقافات زعيم النهضة راشد الغنوشي، ووجهت له تهمة الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بالسلاح واثارة الهرج والقتل والسلب وهي تهم تصل عقوبتها الى الإعدام
بلقاسم حسن وعبد الفتاح الطاغوتي ومحمد القوماني وعلي العريض ونور الدين البحيري واحمد المشرقي وراشد الغنوشي واحمد شنيبة وعبد الحميد الجلاصي وسيد الفرجاني ومحمد بن سالم، واحمد العماري أسماء لئن استقال بعضها من حركة النهضة لكنها أسماء تظل نهضوية والقضايا الموقوفون او المتتبعون بشأنها ارتكبت زمن كانت لهم سلطة في النهضة.
قضايا تحت عناوين مختلفة تورطت فيها النهضة، تعلقت أساسا بالتآمر على امن الدولة وتحريض الأهالي على التقاتل وحمل السلاح والفساد المالي وتبييض الأموال والمشاركة في وفاق اجرامي يهدد سلامة الدولة الى في ذلك من الاتهامات.
الى ذلك صدرت برقية عن وزارة الداخلية حجرت فيها عقد الاجتماعات في مقرات حركة النهضة بكامل تراب الجمهورية.
النهضة أيضا فقدت حاضنتها الشعبية، كان ذلك منذ نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2019 ثم ظهر جليا وبرز بعد جويلية 2021، بعد إجراءات الرئيس قيس سعيد.
وتبين تجربة النهضة في تونس رفض الشعب التيارات الإسلامية التي يقول انها تستعمل الخطاب الديني للتغطية على أغراضها السياسية والسلطوية.
كل هذه المؤشرات تدل على سرعة انحدار الحركة وتضاؤل وزنها في المشهد السياسي نهائياً خلال الأعوام القليلة القادمة، دون اعتبار خسارتها لجزء مهم من قواعدها الشعبية وقياداتها ومنخرطيها.
منى العياري