حكايات التونسي مع المستشفيات لا تنتهي، وما مرّت به بلادنا […]
حكايات التونسي مع المستشفيات لا تنتهي، وما مرّت به بلادنا على مدى عقود من أحادية التخطيط للتنمية من حيث التركيز على المصنع والنزل والإدارة وأهملت مجالات أخرى ليست لها قيمة إنتاجية عينية مباشرة لا تساير الشعارات التي رفعت حول الأولوية التي أفردت لمجالات مثل التعليم والصحّة واعتبارهما استراتيجيين.
وحكاية المواطن الذي فقد أحد ابنيه التوأم لحظة ولادته أصبحت “أيقونة” المستشفيات العمومية وحتى الخاصّة، والمسألة مرتبطة بعقلية انتهازية وبقانون متساهل، وبعوامل متقاطعة لا مجال لسردها هنا.
انطلقت الحكاية سنة 2013 ، كما أكّد ذلك موقع إذاعة “جوهرة آف آم” الذي استضاف مواطنا سرد تفاصيل وافية عن قصة اختفاء وليده بعد أن اصطحب زوجته إلى أحد مستشفيات ولاية سوسة وهي حامل بتوأم، لكن الأطراف المباشرة بالمستشفى أعلمت الزوجين أنّ أحد الوليدين ـ وهما ذكريين ـ قد ولد ميتا، وأنّه كان يعاني من تشوّه خلقي، وقد تكفلت إدارة المستشفى بعملية الدفن.
المنعرج الأول للقضية بدأ ـ بعد سنوات ـ حين اتصلت بأم التوأم إحدى جاراتها وهي تشتغل معينة منزلية لدى سيّدة موسرة وأسرّت إليها أنّ ابنها الثاني قد يكون على قيد الحياة ولم يولد ميّتا، وأنّه بالإمكان أن يكون حيّا يرزق.
المنعرج الثاني للقصة انطلق حين أكّدت الجارة أنّ السيدة التي تعمل لديها ترغب في زيارتهم للاطلاع على ظروف عيشهم وتقديم مساعدات مادية لهم، وهو ما حصل بالفعل.
ودّ وكرم
يقول الأب: “حين حضرت السيدة إلى البيت لم أكن موجودا في المنزل، وبمجرّد عودته تفاجأ بردّة فعل زوجته وأطفاله الذين أخبروه بلم تكن تلك الزيارة يتيمة، بل إنّها أصبحت تتردّد على المنزل عند غيابه رفقة الطفل، وكانت ودودة مع زوجته وكريمة أيضا بما أنّها قدّمت لهم تباعا مبالغا مالية كبيرة بحجّة سعيها لمساعدة العائلة متوسطة الدخل.
وتابع المواطن: “عدت يوما من عملي في وقت مبكّر فوجدت المرأة وبصحبتها طفل في سنّ ابني وشديد الشبه به. وقد فاجأتني ردّة فعله غير المنتظرة عندما رآني. فقد بادر بمعانقتي وتقبيلي بلهفة ودون توقف. ولم تمرّ ليلتي تلك إلاّ أنه وقد تعرّضت لأزمة قلبية استوجبت نقلي إلى المستشفى، وذلك من هول الصدمة ومدى التشابه الكبير بينه وبين ابني”.
وحين غادر المستشفى، قرّر فك اللغز المحيّر وبدأ بتضييق الخناق على السيدة الموسرة التي أبدت له كرما غير مبرّر. وقد انتزع منها بعد لأي اعترافا بأن الطفل هو فعلا ابنه الذي ظنّ أنّه فقده إلى الأبد، وكشفت أنها كانت تترصّد زوجته منذ الشهر السابع من الحمل. ومباشرة بعد الوضع تمكنت من الحصول عليه من المستشفى(!)
تهديد وسجن
المنعرج الثالث كان محوره المطالبة باسترجاع الإبن أو على الأقل منحه لقب أبيه، لكن المرأة رفضت ذلك و تراجعت عن اعترافاتها للأب وأنكرت المسألة جملة وتفصيلا. وحين لجأ الأب إلى الأمن وتقدّم بشكوى في الغرض، لكن لم يبلغه بعد تلك الشكوى صدى للقضية، فعاد مجدّدا للاتصال بها ووجّه إليها رسالة عبر الهاتف الجوال ضمّنها إصراره على استعادة ابنها بكل الوسائل، تقدّمت بقضية ضدّه تتهمه فيها بتهديدها عبر الإرساليات القصيرة، فتم سجنه لأكثر من شهرين.
هذه تفاصيل حول ما حدث مع هذا الأب الذي مازال يسعى إلى استعادة ابنه رغم جهله بالإجراءات القانونية اللازمة لذلك. ولعلّه قد تعلّم من تجربته السابقة مع هذه المرأة أنّ عليه السعي أوّلا إلى إثبات نسب الطفل الذي بلغ حاليا 13 سنة من العمر، وقد نسمع في قادم الأيّام الجديد حول هذه القضية التي تحتمل أن تتفرّع إلى وجهين للتقاضي: الأول من أجل إثبات النسب، والثاني مقاضاة المستشفى الذي شهد هذا التحيّل بشرط نجاح الأب في إقبات النسب طبعا.