لجأت شركة تويتر إلى أسلوب يعرف باسم “حبة السم” أو […]
لجأت شركة تويتر إلى أسلوب يعرف باسم “حبة السم” أو كبسولة السم” (Poison Pill)، يوم الجمعة الماضية وذلك للحد من قدرة رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك من إتمام عملية الاستحواذ العدائي على المنصّة، بعد عرضه شرائها مقابل 43 مليار دولار أمريكي.
وقد بادرت شركة تويتر يوم الجمعة إلى الإعلان عن استخدامها تكتيك “كبسولة السم”، والتي من شأنها أن تعيق قدرة أي مساهم على شراء حصّة في الشركة تتجاوز نسبتها 15% من مجموع الأسهم، وذلك عبر بيع المزيد من الأسهم لمساهمين آخرين بسعر مخفض. وتعرف هذه الخطّة تقنيًا باسم “خطة حقوق المساهمين” وسيتم وضعها حيز التطبيق على مدار 364 يومًا.
تكتيك حبة السم هو تكتيك دفاعي تلجأ إليه مجالس إدارة الشركات كي تحول دون حدوث عمليات استحواذ عدائي من قبل شركات أخرى أكبر حجمًا وملاءة مالية. ويعود مصطلح حبة السم إلى عالم الجاسوسية، حيث كان العملاء يحملون معهم على الدوام حبة سمّ قاتلة في حال وقعوا في الأسر وكشف أمرهم، وذلك لكي يتجنبوا التعذيب والإدلاء بما لديهم من معلومات. أما في عالم الأعمال، فيعود استخدام المصطلح مطلع ثمانينات القرن الماضي، في سياق المرافعات القانونية المتعلقة بعمليات الاستحواذ العدائية التي انتشرت في تلك الفترة.
ولتكتيك حبّة السم في عالم الأعمال عدة خطط وتطبيقات، من بينها إصدار عدد كبير من الأسهم الجديدة للشركة، وهو ما يعني إضعاف حقوق الملكية وزيادة تكلفة عملية الاستحواذ، إذ سيتعيّن على الشركة المستحوذة، إعادة شراء تلك الأسهم أو جزء كبير منها، مع عرض سعر أعلى من أجل ضمان الأغلبية المسيطرة.
وقد لجأت شركات بارزة أخرى قبل تويتر إلى تكتيك حبة السم، ومن بينها شركة نتفليكس، والتي لجأت إلى تكتيك حبة السم عام 2012، وذلك بعد أن استحوذ رجل الأعمال الأمريكي كارل إيكان على حصّة 10 بالمئة من أسهم نتفليكس، وحين أعرب عن نيته شراء المزيد من أسهم الشركة والاستحواذ عليها هدد مجلس إدارة الشركة باللجوء إلى تكتيك حبة السم وإغراق السوق بطرح أسهم جديدة.
يستخدم تكتيك حبة السم في عالم الأعمال من أجل الحيلولة دون وقوع عملية استحواذ عدائي على شركة ما. والاستحواذ العدائي هو عملية استحواذ تتم عبر طرح عرض على مساهمي الشركة لشراء أسهمهم بسعر أفضل، أو محاولة إحداث انقلاب داخل مجلس الإدارة واستبداله بمجلس آخر ليوافق على عملية الاستحواذ. وفي حين يستخدم هذا التكتيك عادة من أجل منع الاستحواذ العدائي، إلا أنه يستخدم في أحيان أخرى كوسيلة لتحصيل عرض أفضل من طرف الشركة الراغبة بالاستحواذ والدخول في مفاوضات معها من أجل التوصل إلى صفقة أكثر جدوى.
تكتيك حبة السم هو الاسم الشعبي لتكتيك يعرف باسم خطة حقوق المساهمين كما ذكرنا أعلاه، وقد وضعت في مطلع الثمانينات لتكون وسيلة دفاعية لدى مجالس الإدارة لحماية الشركات من عمليات الاستحواذ العدائية عليها من قبل الشركات الأكبر. وقد تم ابتكار هذا التكتيك من قبل محام مختص في مجال عمليات الدمج والاستحواذ يدعى مارتن ليبتون، وذلك في العام 1982 وذلك استجابة لعمليات استحواذ عدائية تم تكليفه بمتابعتها.
هل تحمي حبة السم من عمليات الاستحواذ العدائي؟
في حين يمكن أن يؤدي اللجوء إلى حبة السم لمنع عمليات الاستحواذ العدائي إلى نتيجة مرضية لمجلس الإدارة، إلا أنّ ذلك قد لا يكون بالضرورة لصالح المساهمين. وذلك فإن التوجه منذ مطلع الألفية الجديدة قد كان لصالح منح المساهمين الحق في التصويت على قرار مجلس الإدارة من أجل تفويضه باستخدام حبة السم لمنع الاستحواذ العدائي أو رفض ذلك.
وقد تزايد اللجوء إلى تكتيك حبة السم منذ العام 2020، في سياق الأزمة الاقتصادية التي فرضتها جائحة كوفيد-19. فقد أدت الأزمة إلى انخفاض أسعار أسهم العديد من الشركات، وهو ما جعلها هدفًا لعدد من محاولات الاستحواذ العدائي. وقد لجأت مجالس إدارة الشركات في تلك الحالات إلى تفعيل تكتيك حبة السم، لتفادي الاستحواذ الانتهازي عليها. ففي آذار/مارس 2020، لجأت عشر شركات أمريكية إلى هذا التكتيك، وهو رقم قياسي غير مسبوق.