تونس الآن سجلت الولايات الحدودية التونسية الغربية تدفقا غير معهود […]
تونس الآن
سجلت الولايات الحدودية التونسية الغربية تدفقا غير معهود متسللين أفارقة من جنسيات مختلفة إلى التراب التونسي. وقد يعزى ذلك إلى سعيهم للاحتماء بمظلة بلادنا بعد أن تبيّن سلامة ترابها من جائحة كورونا.
وبقطع النظر عمّا يحمله هؤلاء من تهديد بالعدوى بحكم تواصل انتشار الفيروس بجهات عديدة من الجارة الجزائر، فإنّ الأمر يدعو إلى التساؤل عن دوافع أخرى قد تكون وراء هذه الاختراقات غير المشروعة لحدودنا.
وبالتثبت من الأمر، اتضح أنّ الأمر معقّد بعض الشيء، فالأجنبيّ غير المقيم، وحتّى المقيم الذي يتجاوز مدّة الإقامة المرخص فيها يصبح في حالة تجاوز للقانون، ويلزم بدفع 80 دينارا عن كلّ يوم إقامة غير قانونيّ. وفي ظلّ الانتشار الشامل للجائحة في العالم وانقطاع حركة النقل الجوّي، واستحالة عبور الصحراء برّا حتّى بالنسبة لمواطني البلدان الإفريقية القريبة فإنّ المواطن الإفريقيّ يجد نفسه محاصرا بكلّ العوائق التي تمنعه من مغادرة الجزائر وتونس، والوضع الأمني في ليبيا لا يرحم، فإنّ ما انتهى إليه بعضهم هو التفكير في “الحرقة” انطلاقا من تونس بحكم القرب الجغرافي من إيطاليا.
ومهما بدا الأمر صعبا ومكلفا، فإنّ هذا الحل يعتبر أرحم في نظر هؤلاء، وما كان سيخصّص لدفع غرامات تجاوز الإقامة أو دفع كلفة تذكرة الطائرة ـ بحكم الانفتاح الجوي التونسي على العالم ـ يمكن أن يضمن لبعضهم موطئ قدم في مركب “حرّاق” ويتحقّق حلم اللاهثين وراء “الجنّة الأوروبيّة” بدل السعي إلى العودة إلى بلدانهم بعد أن فرّوا من أوضاعها إمّا الأمنية أو المعيشية.
فما الحلّ إذن؟
يبدو انّ السلطات الأمنية التونسية مدعوّة إلى أمرين:
1- السماح للمواطنين الأفارقة بالسفر مع إعفائهم من كلفة تجاوز مدّة الإقامة
2- الحرص على رفع درجة اليقظة على الحدود الغربية والجنوبية الشرقية أيضا لمنع مزيد من الاختراقات.
إذا كنا نعمل أو نأمل كتونسيين على تسوية الأوضاع غير القانونية لعدد من أبنائنا المتواجدين في أوروبا بطريقة غير شرعية، فإن دولتنا تعمل للأسف على خلق وتكريس هذا الإشكال في حق عدد كبير من الأجانب الذين حطوا الرحال بتونس لأسباب مختلفة كالعلاج أو الدراسة أو الاستثمار أو الزواج، والذين ترفض السلطة الأمنية تمكينهم من وثائق الإقامة أو من تجديدها رغم استيفائهم للوثائق القانونية اللازمة في الغرض كعقود الزواج أو شهادات العمل أو الترسيم في الجامعات التونسية .
الحرمان الغير مبرر من وثائق الإقامة يجعل من الضيف الأجنبي في حالة ذعر متواصلة، لما سيترتب عن ذلك من تعطيل لمصالحه لكونه إما مهددا بالترحيل أو مجبرا على دفع خطايا كبرى عند المغادرة إلى جانب الرشاوي والمقاهي التي قد يضطر أحيانا لدفعها درء للتهديدات أو استجلابا لبعض الخدمات.