بقلم: حافظ الغريبي
أعلن الناطق باسم رئاسة الجمهورية وليد الحجام أمس الخميس 9 سبتمبر 2021 على قناة “سكاي نيوز” الإماراتية توجه رئيس الدولة قيس سعيد نحو تغيير الدستور بإلغاء النظام المزدوج الصلاحيات الى نظام رئاسي مؤكدا انه رئاسي وليس رئاسوي على حد تعبيره.
هذا الإعلان المفاجئ والمنتظر في الان نفسه لم يمر مرور الكرام بل اثار تفاعلات عدة لدى الطبقة السياسية ..تفاعلات مرجعها تجربة مريرة لتونس مع النظام الرئاسي بدأت مع بورقيبة الذي انفرد بكل السلط الى أن أصبح رئيسا مدى الحياة ثم تواصلت مع زين العابدين بن علي الذي انحرف بالسلطة الى ان آلت الأوضاع الى ما آلت اليه خلال شتاء 2010-2011 .
وعندما بدأ المجلس التأسيسي في كتابة الدستور وانتهوا لطبيعة النظام قامت الدنيا ولم تعقد حول العودة للنظام الرئاسي ففي حين كان المنصف المرزوقي يرغب في الإبقاء على النظام الرئاسي كانت النهضة راغبة في نظام برلماني صرف وكانت القوى الوسطية تخشى من استبداد النهضة ومن انحراف النظام الرئاسي بالسلطة الى ان خرجوا بنظام هجين لا هو بالرئاسي الصرف ولا بالبرلماني الصرف لكنه تقاسم للسلطات ظاهره عدل وباطنه سوء تدبير من الذين مارسوا السلطة وانحرفوا بها وكان يوسف الشاهد قيدومهم ومنظّرهم في ذلك.
واليوم فان الرغبة في فرض نظام رئاسي فرارا من جحيم “برلمان الصبية” لدى شعب لا يزال يؤمن بسلطة الفرد ولم يتشبع بمبادئ الديموقراطية هو كالمستجير بالرمضاء من النار. فالانحراف بالسلطة يبقى قائما سواء تعلق الامر برئيس الدولة او برئيس الحكومة لكن وجود هيئات دستورية لها صلاحيات الرقابة وقضاء ناجز هما الكفيلان بالحد من هذه الانحرافات.
واليوم، وامام اختلاف وجهات النظر، وفي جو من الضغوطات الداخلية والخارجية المختلفة يعتبر فتح ملف تغيير نظام الحكم مغامرة مجهولة العواقب او قد تكون التفاحة التي ستخرج الرئيس قيس سعيد من جنة الإجماع الشعبي والحزام السياسي الواسع.
حافظ الغريبي