بقلم: علي الجليطي يقول العلماء أن الإنسان ظهر أولا في […]
بقلم: علي الجليطي
يقول العلماء أن الإنسان ظهر أولا في إفريقيا، قارتنا السمراء فهي المهد الأول للحضارة البشرية، ثم سعى الإنسان إلى غزو مساحات أخرى أي نحو قارة آسيا وأوروبا. وبسبب التقلب المناخي وانخفاض درجات الحرارة بل وغياب الشمس في بعض الأحيان، أخذ جسم الإنسان في التأقلم مع مختلف المناخات وبدأ يتلون جلده بحسب درجة تعرضه لأشعة الشمس. وحينما انتهى العصر الجليدي فيما يعرف بالمرحلة السابعة، غمرت المياه مساحات شاسعة من الأرض وانفصلت القارات عن بعضها البعض، وتكونت حضارات بشرية مستقلة عن بعضها البعض.
وهنا دخلت الحضارة الإنسانية في هذه المرحلة فيما يسمى بالثورة الفلاحية حيث تميزت بالخصوص باستقرار الجنس البشري وبداية استغلال الأرض عبر زراعة الحبوب مثل القمح والشعير والأرز واستعمال الملح كوسيلة لحفظ الأغذية. ومرّ الجنس البشري من العيش بفضل صيد الحيوانات إلى ترويضها وتدجينها واستغلالها بدلا من أكلها فقط مثل الخيول والغنم والبقر والدجاج. وهكذا ومنذ حوالي 10 آلاف سنة فقط، شرع الإنسان في استعمال الحيوان كصهوة للصيد وكوسيلة للنقل والتنقل ولكن أيضا لخوض المعارك والحروب. وكما اخترعت البشرية الكتابة لحفظ التراث العلمي والمعرفي، اخترعت البارود للقتل وسحق الأرواح، ثم اخترعت الطباعة، واكتشفت العالم الجديد في القارة الأمريكية وتبادلت معه العلوم والمعرفة في شتى مجالات الحياة.
وباكتشاف المحرك البخاري دخلت الحضارة الإنسانية مرحلتها الثامنة عبر الثورة الصناعية حيث انتقلت البشرية من استغلال قوة البدن والرياح والمياه إلى قوة الطاقة المستخرجة من الفحم ثم من النفط والطاقة النووية. وازدادت سرعة التقدم باستخدام القوة الكهرومغناطيسية التي ظهرت مع الانفجار الأولي ونشأة الكون. وبذلك تطورت سرعة تنقل المعلومة عبر الكلمة ثم عبر الصورة ودخلت الأرض في شبكة اتصالات عنكبوتية تكاد لا حدود لها أصبحت بفضلها العولمة حقيقة واقعا بما فيها من منافع ومضار.
ومثلما يجهل أصحاب العلم والمعرفة ما قبل نقطة انطلاق هذه المراحل الثمانية فهُمْ لا يعرفون اليوم النهاية التي يسير على هديها العالم. فمنهم من يتوقع غزو البشر لكواكب جديدة لتخفيف الضغط على الأرض وآخرون لا يستبعدون غزو الأرض من قبل أجناس قادمة من كواكب أخرى. والبعض يتخيل تطورا علميا مذهلا يجعل من الآلة التي اخترعها الإنسان هي الجهاز المتحكم في صيرورة العالم. فيما يرى البعض الأخر إمكانية حدوث كوارث بشرية أو جوائح طبيعية ومناخية أو سقوط نيازك ضخمة تأتي على الأخضر واليابس.
كل هذه الفرضيات حول المستقبل هي مجرد تخمينات، ولكن ما يتفق حوله الجميع من ذوي العلم والمعرفة أن الكون آيل إلى زوال بحكم قانون كوني طبيعي لا مفر منه، جوهره أن لكل بداية نهاية، والبداية أساسها بسيط ثم تسير نحو التعقيد أي البناء والتركيب قبل أن تعود إلى مرحلة التبسيط والتعفن والاندثار. وعلى منهج البشر والحيوان والنبات، يكون لكل مادة ولادة ثم نمو ثم موت وفناء. وكما ولدت النجوم والكواكب وجميع المخلوقات فهي تسير بعد نموها وتمددها إلى نتيجة حتمية هي الفناء الأبدي والعودة إلى نقطة الانطلاق أي إلى العدم والعتمة الكاملة…والله “مهندس” هذا الكون أعلم باليوم الأول والآخر… ولكنه في نفس الوقت أعطى سبحانه للبشر عقلا للتفكير واستنباط الحلول حتى أن الرياضيات مثلا ليست فقط اختراعا من عقل الإنسان بل هي وسيلة لاكتشاف متواصل للقواعد التي تحكم الكون الذي لابد انه كما يقول انشتاين مكتوب بلغة رياضية. ولكن اعترف أني لا أفقه هذه اللغة بتاتا.