قال الكاتب في وكالة بلومبيرغ، بوبي غوش؛ إن على الولايات […]
قال الكاتب في وكالة بلومبيرغ، بوبي غوش؛ إن على الولايات المتحدة وأوروبا استخدام المساعدات والتجارة للضغط على الرئيس، قيس سعيد، حتى يعيد البرلمان ويتخلى عن أساليبه السلطوية.تونس_الآنtunisnow.tn
وأضاف غوش في مقاله أن سعيد أصيب هذا الأسبوع بالرعب عندما صوت البرلمان الأربعاء ضد استيلائه على السلطة، حيث كان التحدي جادا بما يكفي لاستثارة رد فعل مشوب بالهلع من قبل قيس سعيد، الذي أعلن حل المؤسسة التشريعية؛ معلنا أن مساعي النواب للقيام بوجباتهم إنما هي محاولة للانقلاب.
ورأى غوش أنه لا ينبغي أن يمر حل البرلمان مرور الكرام، وهو المؤسسة التشريعية التي أوجدت بعد الإطاحة برئيس مستبد آخر في الربيع العربي عام 2011، داعيا “من هللوا ورحبوا بميلاد البرلمان باعتباره خطوة على طريق التحول الديمقراطي في العالم العربي، أن يرفعوا أصواتهم مجددا للاحتجاج على خنقه، وأن ينددوا علانية بمن أقدم على ارتكاب هذه الجريمة بحقه”.
وفيما يلي نص مقال بوبي غوش:
“بعد أن أجهز على ديمقراطية تونس، أصيب قيس سعيد هذا الأسبوع بالرعب عندما هدد شبحها بالتسلل من القبر. حاول البرلمان الذي تم تعليقه بقرار رئاسي في الصيف الماضي الانعقاد يوم الأربعاء عن بعد للتصويت ضد استيلائه على السلطة. كان التحدي جادا بما يكفي لاستثارة رد فعل مشوب بالهلع من قبل قيس سعيد، الذي أعلن حل المؤسسة التشريعية؛ معلنا أن مساعي النواب للقيام بواجباتهم إنما هي محاولة للانقلاب.
لا ينبغي أن يمر مر الكرام هذا الذي جرى لمجلس النواب، المؤسسة التشريعية التي أوجدت بعد الإطاحة برئيس مستبد آخر في الربيع العربي عام 2011. ويتوجب على من هللوا ورحبوا بميلاده باعتباره خطوة على طريق التحول الديمقراطي في العالم العربي أن يرفعوا أصواتهم مجددا للاحتجاج على خنقه، وأن ينددوا علانية بمن أقدم على ارتكاب هذه الجريمة بحقه.
ينبغي على إدارة بايدن وحلفائها الأوروبيين، الذين كانوا للأسف الشديد فاترين جدا في ردهم على التوجه الاستبدادي لدى قيس سعيد، أن يكونوا أكثر حزما في المطالبة بإعادة البرلمان في الحال بكل ما منحه إياه الدستور التونسي من صلاحيات. يقول الرئيس إنه سيصيغ دستورا جديدا ويخضعه للاستفتاء في الصيف، ولكن ينبغي أن يوضح له بأن المجتمع الدولي سوف يعتبر تلك الإجراءات غير شرعية، ما لم يتم إقرارها من قبل السلطة التشريعية.
الشرعية هي الأساس. وكون قيس سعيد انتابه الفزع بسبب اجتماع عن بعد لمشرعين كان قد أصدر أمرا بتوقيفهم عن نشاطهم إنما يؤكد أن المفتاح بيد السلطة التشريعية، ويستدل من رد فعله أنه فقد المبادرة. ولذا؛ فإن الولايات المتحدة وبلدان أوروبا الغربية، التي تشكل معا أكبر كتلة تقدم المساعدات لتونس وتتعامل معها تجاريا، أمامها فرصة سانحة للضغط على الرئيس حتى يبعث الحياة من جديد في جسد الديمقراطية التي خنقها بيديه. المساعدات والتجارة، وكذلك الحاجة الماسة لمساعدة صندوق النقد الدولي، ينبغي أن تكون جميعها مشروطة بإصلاح قيس سعيد لسلوكه.
رغم كل ما كان يشوبه من عيوب وقصور، كان برلمان تونس ناتجا عن أنزه انتخابات تجري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فعلى النقيض من إيران أو مصر، لم يكن هناك وجود لثيوقراطي أو طاغية يزور الانتخابات في 2014 وفي 2019. وعلى النقيض من المجالس التشريعية في كل من لبنان والعراق، لم يصمم مجلس تونس بناء على محاصصة طائفية أو عرقية.
مثله مثل أعضاء البرلمان، اختير قيس سعيد في انتخابات حرة ونزيهة، بخلفيته القانونية الدستورية. أكثر ما جذب الناخبين إليه كان كونه سياسيا من خارج الأطر المعهودة. كان التونسيون يرجون أن يقوم بإعادة تنشيط الاقتصاد، من خلال تجاوز الانسداد الحاصل بسبب الأزمة بين الفصائل الإسلامية والعلمانية في البرلمان، وبسبب مقاومة النقابات المهنية للإصلاح.
وعندما أقدم على تعطيل البرلمان، ظن كثير من التونسيين بأن ذلك كان بمنزلة حل للعقدة، وحسبوا أن الرئيس سوف يتمكن من إنجاز الإصلاحات بدون مشاركة من الأحزاب السياسية التي فشلت في عمل شيء. وحتى الاتحاد العام للشغل، وجد نفسه مضطرا لمنحه الفرصة، فمع أن زعماء الاتحاد انتقدوا استيلاء الرئيس على السلطة، إلا أنهم لم يدعوا إلى إضرابات عامة. (يحتمل أن يكون ترددهم متأثرا بالمسيرات الحاشدة التي نظمها أنصار سعيد).
بدوره وعد سعيد بإجراء استشارة مباشرة للمواطنين حول صياغة قوانين جديدة، ووعد بأنهم سوف يتمكنون قريبا من انتخاب برلمان جديد. ولكن، وكما هو الحال دوما مع الطغاة المستبدين، استخدم الرئيس سلطاته التنفيذية لمراكمة مزيد من السلطة. فبعد أن أطبق بيديه على عنق البرلمان، تمكن من احتواء الجيش وتسيير القضاء.
في هذه الأثناء، استمر الاقتصاد في التراجع ولم تصل بعد مساعدة صندوق النقد الدولي. ورد في ملاحظة بحثية أخيرة لمؤسسة مورغان ستانلي، من أن تونس تواجه مخاطر العجز عن سداد ديونها في عام 2023″.