قال وزير الصحة عبد اللطيف المكي اليوم الأربعاء 25 مارس إنّ نسبة الاستجابة للحجر الصحي لا يرقى إلى المنتظر من التونسي العاقل. قالها الوزير وزاد عليها بنبرة غاضبة شاجبة للاستهتار المسجل بأشكال متعدّدة.
صيحة فزع أطلقها الوزير فتذكرنا ما قالت المديرة العامة للأمراض الجديد والمستجدة يوم أمس، وكلما ازدادت حدّة نبرة كلمة الوزير، كلّما أدركنا فظاعة الموقف الذي تعيشه بلادنا ويحاول الوزير فضحه بغضب يحكمه التعقل، لكن صدى حديثه كان أقوى من التعقل لأنّ التونسي مستهتر حتّى حين يوضع في نزل لقضاء أيام الحجر المعدودة ويقرّر الفرار وضع في سجن.
وين ماشين؟
التونسي الذي نفخر به وبحبه لوطنه وحرصه على سلامة أهله يخرج إلى الشارع يتفسّح في زمن التوقي من كورونا ولا يحرص على سلامته معتدّا بنفسه، الفيروس خطير ولكنّي سليم منه والحمد لله، وأنا لست طفلا يضعونه في محضنة… أنا راشد عاقل حرّ ومن حقي أن أرى نفسي في مرآة الشارع بعد أن “فرّ منه الخائفون”…
وين ماشين…
الحجر الصحي يهمّ المرضى والعجزة وأنا لا أشكو شيئا ولا أحمل الفيروس لأوذي به غيري فما المشكل لو أنّي خرجت “أسرّح ساقيّ” قليلا. الحي خال والأمن والجيش منشغلين بأحياء أخرى، إذن أنا سيّد الشارع الخالي.
وين ماشين…
قال وزير الصحة ما قال واختزن في صدره ما اختزن وكشفت الأرقام الجديدة أنّ كورونا أصبح تونسيّا نصرّفه بأيدينا في ما بيننا… أصبح “ولد الحومة”. هل سنردع كبرياءنا المنحرف اليوم، أم سننتظر يوما يأكل الفيروس فتافيت رئات أحبابنا ونحن نتخفى خلف ستار الندم والإحساس المتأخر بالذنب؟
وين ماشين…
ليس تونسيا من سمع ولم يوع وفهم ولم يستجب… ليس منّا دينا ووطنا وذمّة من لم يهتمّ لأمرنا ويمنع الوباء عنّا بمنعه أولا عن نفسه.