وطني : يبدو ان ازمة التعليم ومسلسل الكر والفر بين وزارة التربية والنقابات التعليمية لا نهاية له
تونس الان :
يبدو ان ازمة التعليم ومسلسل الكر والفر بين وزارة التربية والنقابات التعليمية لا نهاية له ، سنة دراسية انطلقت متعثرة من الناحية اللوجستية ومن ناحية استعدادات المدارس والمعاهد للعودة المدرسية رغم تأكيدات الوزير آنذاك حاتم بن سالم واطارات الوزارة أن العودة متميزة لكن الواقع كشف بالأرقام عكس ذلك ، ونتذكر جيدا أن حوالي 150 الف تلميذ لم يلتحقوا بالمدارس والمعاهد علاوة على النقص الفادح في الاطار التربوي الى غير ذلك من الإشكاليات.
المسألة لم تتوقف عند ذلك الحد، اذ تفاقمت لتتولد ازمة أخرى، ازمة حجب الاعداد على المستويين الابتدائي والثانوي .
حجب اعداد الثلاثي الأول والثاني
قررت نقابات التعليم الثانوي والاساسي حجب اعداد الثلاثي الأول في البداية على امل ان تتوصّل النقابة الى تسويات مع سلطة الاشراف فيما يتعلق بالمطالب المهنية لنقابتي الثانوي والاساسي، لكن كل الجلسات انتهت بالفشل ولم تتسلم إدارات المعاهد الاعداد ، وظل التلميذ والولي ضحية خلاف الوزارة والأساتذة …
فقد كان من المفروض على وزارة التربية أن تسوي الوضعية مهما كانت الارهاصات وأن تجد حلول على الأقل تلبي بعض المطالب المهنية وتعد بتسوية أخرى حسب الوضعية العامة للبلاد والوزارة، لكنها ظلت تماطل الى ان جاء القرار بتمديد حجب اعداد الثلاثي الثاني
في غرة افريل 2023 أعلنت الجامعة العامة للتعليم الأساسي، عن استمرار حجب أعداد امتحانات الثلاثي الثاني داعية إلى تنفيذ القرار في كنف التقيّد التام بترتيباته.
وجاء في بيان الجامعة أنّ قرار مواصلة حجب أعداد امتحانات الثلاثي الثاني، يأتي أمام ما وصفته بـ”صلف وزارة الإشراف، ومواجهة لسياسة التنكر إلى الالتزامات”، معربة عن حق منظوريها في “حياة كريمة” وفقها.
ولفتت في هذا السياق، إلى أنّ “القطاع لم يدخر جهدًا من أجل إدراك مطالب منظوريه المدرجة ضمن لائحتي 2 مارس و7 أكتوبر 2022 سواء بالحرص على التفاوض أو بالنضال بشتى الوسائل التي تراوحت بين الإضراب وحجب الأعداد”.
وقالت الجامعة إنّ “الصادم أن مطالب القطاع ذات الانعكاس المالي لم تجد طريقها أصلًا إلى طاولة المفاوضات، ورفض الخوض فيها بتعلة وضعية المالية العمومية غير السانحة”.
وأشارت جامعة التعليم الأساسي إلى أنّ مطالبها “لم تحظ بالاهتمام الذي يعكس إيمانًا بقدرة الحوار على تأمين الاستقرار بضمان مخرجاته لحقوق المتحاورين، بل إن التفاعلات الرسمية شكلًا ومضمونًا كانت تدفع في اتجاه تسعير الأزمة وليس تطويقها”.
والامر سيان بالنسبة لنقابة التعليم الثانوي اذ أعلنت يوم 3 افريل 2023 عن مواصلة الامتناع عن مد الادارة بالأعداد لكافة المواد والمستويات عبر اية وسيلة او الية كانت داعية منظوريها الى مزيد الالتفاف حول هياكلهم النقابية والتمسك بمقررات حجب اعداد الثلاثيتين الاولى والثانية عن الادارة.
واكدت النقابة في بيان صادر عنها تحت عنوان حقوق “المدرسات والمدرسين خط احمر” ان الوضع مازال يراوح مكانه رغم انعقاد 4 جلسات تفاوض متتالية سواء فيما يتعلق بالتزام الوزارة بتفعيل ما بقي عالقا من بنود اتفاق 9 فيفري 2019 او بالشروع في التفاوض حول جملة المطالب المتعلقة بتعديل المقدرة الشرائية للأساتذة وتحسين ظروف عملهم وتسوية وضعية الاساتذة النواب عبر الية واضحة وشفافة.
واعتبرت ان ما قدمه الطرف الحكومي من اقتراحات عملية لم يرتق الى الحد الادنى المطلوب من الجدية وحتى مع الخطاب الرسمي المصرح به وذريعته في ذلك وضعية المالية العمومية الصعبة مشددة على ان ذلك لا يمكن ان يكون ذريعة لتتصل الدولة من التزاماتها والتفافها على الاتفاقيات الموقعة وامتناعها عن تحسين واقع المدرسين والمدرسات.
واضافت ان” تجاوز الازمة الراهنة يستوجب اول ما يستوجب تحمل الطرف الحكومي مسؤوليته كاملة وترجمة حرصه الذي ما انفك يعلن عنه في كل مناسبة اعلامية او تفاوضية على حماية مصالح التلاميذ وتطوير واقع المنظومة التربوية مبرزة ان “ذلك يمر حتما عبر تلبية مطالب المدرسين والمدرسات” وان هذه المطالب “لا يمكن التخلي عنها تحت اي ظرف كان” منبهة الى ان الازمة الراهنة بدأت تلقي بظلالها جديا على مسار السنة الدراسية بأكملها.
الوزير في “دنيا أخرى”
ولئن كان الواقع شديد القتامة في ملف التعليم خاصة التعليم العمومي الذي يشهد سنة وراء أخرى تراجعا كبيرا أثّر على مردود التلاميذ الذين اصبحوا يتسابقون للفوز بفرصة في التعليم الخاص نجد كل وزراء التربية واخرهم الوزير محمد علي البوغديري يتحدثون بخطاب “افلاطوني” يحيل على أن لا وجود لأزمة وأن المفاوضات تتجه نحو انهاء الازمة التي لا تنتهي ..
وزير التربية محمد علي بوغديري قال اليوم الإثنين، ” نأمل كل خير للتوصل إلى اتفاق في أقرب الآجال قبل إرجاع اعداد الثلاثي الثاني حتى تتجنب العائلات وأبناءهم كل ارتباك.”
وكشف الوزير أن التواصل مع الهياكل النقابية وتبادل وجهات النظر متواصل، خاصة أن هناك مسائل تتطلب بعض التدقيق على مستوى وزارة المالية ورئاسة الحكومة.
وأكد وزير التربية انه “ليست هناك أي امكانية لسنة بيضاء ولن يقبل اي طرف ان تكون سنة بيضاء والجميع لهم من الوطنية العالية بما يدفعهم إلى الخروج من هذا الوضع”.
وأضاف البوغديري ان “التفاوض لن يتوقف طالما هناك اشكاليات”.
تصريح البوغديري ولئن كان حديثا في الزمن فقد قال هذا الكلام منذ ساعات قليلة، الا انه سبق له ان قال مثله في مناسبات عديدة ان لم نقل في اغلب اطلالات الوزير الإعلامية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ويوجه الى الوزير رأسا: متى ستحل ازمة التعليم.. فالسنة الدراسية اوشكت على الانتهاء ؟ ومتى ستتسلم الإدارات الاعداد ؟ وكيف ستتصرفون اذا صعّدت الهياكل النقابية وقاطعت الامتحانات الوطنية ؟..