تونس الآن ما يحدث هذه الأيام حولنا وفي العالم بأسره […]
تونس الآن
ما يحدث هذه الأيام حولنا وفي العالم بأسره بخصوص علاقتنا بالوباء أفرادا وبلدانا يبعث على الحيرة وربما على الريبة بحكم تداخل عدّة اعتبارات موجبة للتساؤل.
أوّلا: قرار الانفتاح على العالم برّا وبحرا وجوّا ـ على أهمّيته الاقتصادية والاجتماعية ـ يدفعنا إلى التساؤل حول نسبة المخاطر الصحّية وعن جدوى البروتوكول الصحّي المصاحب للانفتاح إن كنّا سنتعامل مع مجتمعات وأفراد لم يتخلصوا بعد من شبح العدوى ومازالت الأرقام المسجلة في أغلب البلدان باعثة على القلق. فحركة الأفراد والسلع ووسائل النقل لوحدها تهدّد بسريان العدوى من دولة إلى أخرى مهما كانت الاحتياطات كبيرة. ومع ذلك يبدو الانفتاح حتميّا لأنّ الجمود الاقتصادي يسحب خلفه الإفلاس. وزير الصحّة حذّر مرارا من الغفلة في فترة الحجر الشامل وبعده وآخر تحذيراته وردت في آخر ندوة صحفية له، كما عبّر مسؤولون عن رفضهم بالانفتاح الذي ستعتمده تونس بداية من 27 جوان وبرّروا مواقفهم بما يحدث في بلدان أخرى، زما يحدث في بلادنا بين حين وآخر كما حدث في نزل بالحمامات مع وافدة من الكندا. لكن حتمية الانفتاح فرضت نفسها كما أكد ذلك رئيس الحكومة والأطراف المعنية بالنشاط الاقتصادي بكل روافده.
ثانيا: الحجر الصحّي الذاتي الذي اعتمدته تونس مع بداية انتشار الجائحة لم يعط نتائج إيجابية، ممّا دفع الدولة إلى المرور إلى خطة الحجر الصحّي الشامل للمقيمين والحجر الصحي الإجباري بمراكز كوفيد-19 للوافدين حين يكون هناك إمكانية تأمين سفرات خاصة لإجلاء العالقين برّا أو جوّا. وهذا الحلّ أثبت جدواه علميّا، لكنّه أرهق الدولة مادّيا وبشريّا، ولا يمكن الاستمرار فيه إلى ما لا نهاية. لذلك، سارعت الدولة بالتخلي عنه تدريجيا بسبب ارتفاع كلفته. وقد بيّن ذلك رئيس اللجنة الوطنية للحجر الصحي والعارفون بالواقع المالي الهشّ للبلاد.
هذه المفارقات التي بدأت تدفع الجميع إلى التساؤل عن جدوى هذا الأمر او ذاك، ولا تجد الإجابة المثالية. وقد تباينت المواقف إلى درجة محيّرة بين المسؤولين السياسيين والأطباء والفاعلين الاقتصاديين. وحتّى عموم المواطنين بدأوا يطرحون السؤال تلو السؤال: هل سيعود الفيروس بعد أن كدنا ننجو من عدواه؟ هل يجدر بنا الانفتاح نحاول إنقاذ ما تبقى من فرص ضئيلة لإنعاش الاقتصاد خصوصا من خلال السياحة التي يمكن أن تكون محمل تهديد بالعدوى؟ وهل سينضبط التونسي العائد من الخارج حقّا في إطار الحجر الصحّي الذاتي وهو الذي سجل حالات تمرّد خلال فترة الحجر الصحي الشامل والموجّه والإجباري؟