يحكى.. ان احد الحكام المستبدين أمر باعتقال مواطن وحبسه انفراديًا […]
يحكى.. ان احد الحكام المستبدين أمر باعتقال مواطن وحبسه انفراديًا في زنزانة مساحتها ثلاثة أمتار مربعة دون أي سبب ، فغضب المواطن وظل يركل باب زنزانته ويصرخ :
– “أنا بريء، لماذا تم اعتقالي وإيداعي السجن”..؟
ولأنه تجرأ ورفع صوته مرددا : “أنا بريء” ، وأحدث بعض الضجيج ،، ولمزيد تأديبه ، أتت الأوامر بنقله إلى زنزانة مساحتها متر مربع فقط ، فعاود صراخه ، لكن هذه المرة لم يقُل أنا بريء ، بل صاح بشدة :
– حرام تسجنوني في زنزانة لا يمكنني النوم فيها إلا جالسًا ..!
صراخ المواطن واحتجاجه أزعج سجّانه مرةً أخرى ،، ، فأمر الأخير بتعليمات رئيسه بإدخال تسعة سجناء آخرين معه في نفس الزنزانة. ولأن الوضع أصبح غير محتمل ، ولا يطاق ، نادى اؤلئك العشرة المسجونين مستغيثين :
– هذا الأمر غير مقبول، كيف لعشرة أشخاص أن يُحْشروا في زنزانةٍ مساحتها متر مربع واحد..؟!
اغيثوننا.. سوف نختنق ونموت ،، أرجوكم انقلوا خمسة منّا على الأقل إلى زنزانةٍ أخرى..!
فما كان من السجّان الذي غضب منهم كثيرًا بسبب تململهم وضجيجهم واصواتهم المرتفعة جدا ، ، أن أخبر مديره بالامر ..
فأشار الخير عليه بإدخال خنزير في زنزانتهم وتركه بينهم..
عندها ، تملّك الهلع الجميع ..وجُنّ جنون أولئك المساكين وأخذوا يرددون مذعورين :
– كيف سنعيش مع هذا الحيوان القذر المتوحش في زنزانة واحدة ، ورائحة فضلاته التي ملأت المكان تكاد تقتلنا..؟
– أرجوكم لم تعد لنا مطالب ،، لم نعد نريد شيئا غير إخراج هذا الحيوان النتن من حجرة سجننا ..
عندها ،، أمر الحاكم السجّان بإخراج الخنزير وتنظيف الزنزانة لهم.
وبعد أيام،، مر عليهم وسألهم عن أحوالهم، فقالوا بصوت واحد :
– حمدًا لله، نحن بخير .. لقد انتهت جميع مشاكلنا سيدي ..!
وهكذا.. تحولت القضية الاساسية ، من تعرضهم الى الظلم والاستبداد وهضم حقوقهم.. إلى المطالبة في نهاية المطاف بإخراج الخنزير وابعاده عنهم .. ونُسيت مسألة مساحة غرفة السجن ، والقضية التي قبلها ، والتي قبلها والتي قبلها.. حتى حادثة الظلم الرئيسية الأولى التي تم بسببها سجن المواطن الأول بسببها باطلا ، لم يعد أحد يتذكرها، بمن فيهم أنت..عزيزي القارىء.. و انت تتسلق دهليز هذه الحكاية العجيبة..
انها..نظرية الخنزير باختصار…
.. وهذا حالنا نحن في تونس وسائر الوطن العربي ، يخلقون لنا مشاكل جديدة لكي ننسى المطالبة بحقوقنا الجوهرية والمشروعة التي رفعناها في وجوه سَاسة رقابنا وحكامنا بادىء الامر من اجل العيش بكرامة البشر ، وحقنا في موطن قدم تحت الشمس على الاقل..
نعم.. انهم يُطبّقون علينا نظرية الخنزير بكل حذافيرها ومكرها ، وقذارتها.. وبكل براعة أيضا…!
.. لماذا على الاقوياء واللصوص والمحتالين في وطننا العربي أن يحيوا بسلام و آمان .
و على البسطاء الطيبين الفقراء ، و على الجوعى والمهمشين والمقهورين ،، أن يموتوا من اجل ان يحيا الوطن .
يحيا الوطن لِمَنْ ..؟
لاصحاب الكروش و العروش والمكر والخديعة ومُحترفي بيع الوهم ، و دس السمّ في الدّسم.. !
البهائم في اوربا لها حقوق ..صنعوا لها جمعيات حقوق الحيوان.
أما البشر في وطننا العربي ليس لهم الا المسالخ ..
ليس لهم الا السجون ..
ليس لهم الا المشانق .
في بلادنا تُقطع يد جائع من يسرق رغيف ..
أما من يسرق “وطن” لابد من أن تُقَبّل يده .
فينا من الحزن ماتبكي له مدن ، وينحني الصخر عطفا كي يواسينا .
أوطان لم نحترم فيها الانسان .
سعر البترول والغاز أغلى من الانسان فيها .
بل سعر زحاجة نبيذ ايرلندية او قنينة عطر فرنسية..اغلى من الانسان فيها..
أوطان .. ارخص ما فيها الانسان …!!