وطنية: لم يكن الاتحاد العام التونسي للشغل بمنأى عن التغيرات التي حصلت ابان 25 جويلية 2021 ، فهو كأغلب الاطراف الاجتماعية والسياسية غير معني بالمشاركة في اي مرحلة من مراحل 25 جويلية لا بالفعل ولا بالمشاورات
لم يكن الاتحاد العام التونسي للشغل بمنأى عن التغيرات التي حصلت بعد 25 جويلية 2021 ، فهو كأغلب الاطراف الاجتماعية والسياسية لم يكن معنيا بالمشاركة في اي مرحلة من المراحل لا بالانجاز او المشاورات ، رغم محاولاته المتعددة رأب الصدع مع السلطة التنفيذية عبر مبادرة للحوار الوطني وأدت في المهد دون ان نعرف فحواها الى الان.
ولم يجد الاتحاد اية اجوبة من الحكومة حول المفاوضات الاجتماعية المعلقة ولا حول المصالحة التي يقترحها ، مما يعمق الأزمة بين السلطة والمركزية النقابية.
ويمكن استخلاص هذا من قول الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي اليوم ان المنظمة الشغيلة لم تر من السلطات إلا الشيطنة والهرسلة رغم ما تقدمه من اقتراحات وبدائل لاخراج البلاد من ازمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وعلّق الطبوبي خلال اشرافه على اشغال المؤتمر العادي للجامعة العامة للاشغال العمومية والاسكان والبيئة المنعقد اليوم الإثنين 25 ديسمبر 2023 بأحد النزل بالحمامات، على المشهد السياسي قائلا بأنه بعيد كل البعد عن مشاغل وهموم المواطن الذي يبقى همه الوحيد هو ضمان رزقه وخبز يومه.
وأضاف بالقول ان كل السلطات المتعاقبة بعد الثورة تسعى الى ان تكون الحركة النقابية في تونس ضعيفة حتى لا تجابه التوجهات الليبرالية المتوحشة ولا تدافع عن مؤسسات القطاع العام وعن المقدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، مبيّنا ان الدفاع عن القطاع العام لا يكون بالشعارات وإنما يكون بالممارسة، خاصة وان المواطن لم يعد يهتم بالمناسبات السياسية بقدر ما يهمه قوته اليومي وتوفير متطلباته الاساسية من خدمات نقل وتعليم وصحة والتي وجب على الدولة توفيرها وتحسينها.
وذكّر بموقف المنظمة الشغيلة من 25 جويلية عندما ثمن الاتحاد تلك اللحظة واعتبرها قطيعة مع خور سياسي واقتصادي واجتماعي كان سيعصف بالبلاد، ولكنه لم يقدم صكا على بياض خاصة في علاقة بالتوازن بين السلطات وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وبضرورة العمل التشاركي بين القوى الوطنية التي لم تتورط في الجرائم الارهابية والسياسية والمالية والانتخابية من اجل خلاص البلاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لافتا الى ان السلطة لم تكن لها الارادة السياسية للفعل التشاركي او المقاربة التوافقية وذهبت في اتجاه العمل الانفرادي .
وابرز ان المناخ الحالي لا يمكنه خلق التحفيز من اجل النمو بسبب الانغلاق وضرب الحوار الاجتماعي، وبيّن أن الاتحاد مصرّ على نضالاته من اجل الحقوق المادية والمعنوية للشغيلة في المؤسسات والقطاعات والجهات داعيا الى خلق ديناميكية نقابية مشيرا الى ما يعيشه التونسيات والتونسيين من غبن وظلم في علاقة باوضاعهم الاجتماعية وبغياب المواد الاساسية .
واكد ان الاتحاد مصرّ على الدفاع على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وعلى الحريات العامة والفردية ، ولفت الى ان الاتحاد في الصفوف الامامية لفضح اي ممارسة فساد بما فيها من تورط حتى وان كانوا نقابيين في ملفات فساد .
ودعا الامين العام للمنظمة الشغيلة الى الالتفاف حول الهياكل النقابية والاتحاد العام التونسي للشغل والنضال بكافة الاساليب النضالية المشروعة والمتاحة والمدروسة والمنضبطة للنظام الداخلي والقانون الاساسي للمنظمة كما شدد على وجوب تفعيل التضامن النقابي .
الامين العام للمنظمة الشغيلة اكد ان الاتحاد متمسك بالحوار الاجتماعي ذو المضامين الحقيقية والواجب ان يكون جادا و مسؤولا في كافة الملفات واساسا ملفات المواد الأساسية والدعم والحفاظ على مؤسسات القطاع العام وترميم المقدرة الشرائية وتطوير الادارة وترشيدها، منبّها من البهتة التي يشهدها الشأن العام في البلاد وحالة الاحباط واليأس.
خلاصة القول انه لا يختلف اثنان في وجود قطيعة بين السلطة السياسية والمنظمة الشغيلة ، بغض النظر عن لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد بالامين العام للاتحاد الطبوبي خلال موكب إحياء ذكرى النقابي فرحات حشاد والذي كان لقاء بروتوكوليا فرضته طبيعة الذكرى لا غير دون أن تجمع الطرفان اية لقاءات داخل قصر قرطاج وتحت اي يافطة .
هذه القطيعة سواء مع قصر قرطاج او القصبة جعلت من قيادات الاتحاد على رأسهم الطبوبي يتحركون خلال الاجتماعات التي يشرفون عليها في اتجاه تذكير الحكومة بالملفات التي مازالت عالقة الى الان من بينها المفاوضات الاجتماعية من اجل تطبيق اتفاق 15 سبتمبر 2022 والذي يتضمن بندا أساسيا وهو اتفاق 6 فيفري المتعلق بتنقيح النظام الاساسي العام للوظيفة العمومية.
الى ذلك كان الطبوبي قد قال السبت المنقضي إن المنظمة الشغيلة ليست لديها خلاف شخصي مع السلطة الحالية وإنما حول ملفات وكيفية تجاوز الهنات والمعوقات.
وأشار الطبوبي إلى أن الاتحاد كان مع لحظة 25 جويلية ولم يكن مع أو ضد الأشخاص بل مع إصلاح البلاد وتقويم كل اعوجاج حصل خلال الفترة السابقة.
وشدد الأمين العام على أن الاتحاد متمسك بالتنمية وبحق الشعب في صحة ونقل وتعليم جديدة ومستدامة.
وأكد أنه آن الأوان إلى مصالحة وطنية حقيقية مبنية على إصلاح العقليات على قاعدة خيارات وطنية حقيقية تؤمن باستقلالية القرار الوطني والسيادة الوطنية وبناء مناخات ثقة ومحاسبة كل من أجرم وأفسد في حق الشعب التونسي واغتال شهداء الوطن وذلك بالعدل والإنصاف بعيدا عن ثقافة التشفي والإنتقام.
وكما اسلفنا الذكر فإن السلطة السياسية ممثلة في قصر قرطاج والتي عبرت سابقا عن رفضها اي حوار خارج البرلمان بما يعني ان مبادرة الاتحاد مرفوضة وكل المبادرات التي ستأتي بعدها ايضا مرفوضة ناهيك عن صمت الحكومة ازاء الملفات الاجتماعية -علما ان الاتحاد كان قد تقدم بقضية لدى منظمة العمل الدولية ضد الحكومة نتيجة سير العلاقة مع الحكومة في اتجاه القطيعة-، مما يطرح عديد التساؤلات عن السلم الاجتماعي مع بداية 2024 خاصة ان شهر جانفي المعروف في تونس بالتحركات الاجتماعية على وشك الدخول ؟