بقلم: نور الدين عاشور اعتقد الكثيرون يوم 25 جويلية أن […]
بقلم: نور الدين عاشور
اعتقد الكثيرون يوم 25 جويلية أن البلاد تستقبل الربيع بكل تمظهراته قاطعة عما كانت تتسم به بقية الفصول في بلد الجفاء والجفاف والتصحر الفكري الذي ميز الحياة السياسية ولعل من غرائب هذا الربيع أنه بدأ “خريفيا” على خلاف العادة بسقوط الرؤوس بدل أوراق الأشجار أو كما كان يشتهي الحجاج بن يوسف بعد أن أينعت وحان قطافها.
ومن ثم خيّم الضغط العالي على البلاد بفعل تحول مناخي قلما عرف التونسيون مثيلا له بل إن “غسالة النوادر” التي استبشر بها البعض لتنظّف وتطهّر وتعقم ولتسمو بموسم سياسي بعد معاناة السنوات العشر من الطفيليات تحولت إلى غسالة “أمخاح” و”تسييقها” عسى يقتنع التونسيون بالتخلي عن بعض قناعات مازالت محل شبهة الحنين إلى الماضي.
كانت أول الرؤوس التي سقطت أو بعبارة أدق تم إسقاطها هشام المشيشي ثم رؤوس أعضاء مجلس النواب بما في ذلك رئيسه ومنذ فترة كان نصيب الهيئة المستقلة للانتخابات التي فقدت فعليا “رأسها” لتشهد البلاد عملية زرع رأس ناجحة شجّعت على المضي قدما لينقلب ما تحت الرأس على رأس اتحاد الفلاحين.
ويبدو أن المراقبين بصدد التكهّن حول هوية الرأس التالية بعد تفشي الظاهرة وتصاعد المخاوف لدى بعض الهيئات والمنظمات المنتخبة من إرغامها على دخول بيت الطاعة إن عن طواعية أو قسرا.. وعلى أية حال فإن هيئة المحامين تبقى محل غيرة لأن كل الدلائل تشير إلى حد الآن إلى أن “الصوت الواحد” يغطي على الخلافات ويطغى على أي اجتهاد في الرأي وفي قراءة الواقع.
وأمام هذا الوضع فإن كل نفس أمّارة بالتساؤل لا بد أن تكون خامرتها فكرة وجود قائمة طويلة للرؤوس “المرشّحة” وبالتالي تسرّب الحجاج بن يوسف، فرضا، إلى اتحاد الشغل ليصدح، فقط، بقولته الشهيرة .. غير أن، بين علم الغيب وعلم السياسية، لا يمكن المفاضلة ولا بد من الركون إلى علم المنطق لأن الاتحاد يمسك ويتمسّك بورقة هامة تخص حاضر البلاد ومستقبلها وبالتالي فإن أوراقا كثيرة أخرى في خريف السياسة التونسي قد تسقط مستقبلا ومعها ورقة التوت، ورقة لطالما غطت على عيوب وسترت ما يُرجى ستره أمام الداخل والخارج..
..أستر يا ستار..
نور الدين عاشور