وطنية: ، أكّد العديد من النواب على ضرورة التعاطي مع الشركات الأجنبية بمزيد الحرص على السيادة الوطنية الطاقية وتثمين ما تزخر به تونس من ميزات مناخية وجغرافية قادرة على المساهمة في النهوض بالاقتصاد والدفع بعجلة التنمية
عقدت لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة جلستين يوم الخميس 06 جوان 2024 خصصتهما للاستماع إلى الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وإلى كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية، حول الاستراتيجية الوطنية للطاقة.
حيث استعرض ممثلو الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في بداية الجلسة الصباحية ملامح الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي مبينين أن تونس تستهدف إنتاج حوالي 8.3 مليون طن من الهيدروجين الأخضر في أفق 2050 بطاقة تشغيلية تقدّر بـ 472.000 واستثمارات في حدود 120 مليار أورو، معتبرين أنه مشروع مهمّ سيتم الانطلاق فيه حال استكمال الدّراسات اللازمة وتركيز البنية التحتية الضرورية، ويندرج في إطار تثمين المميزات المناخية للبلاد التونسية وموقعها الجغرافي ويعزّز استخدام الطاقات النّظيفة في إنتاج الكهرباء وقطاع النقل والنسيج الصناعي.
وتمحورت أغلب تدخلات النواب حول الجدوى من إنتاج الهيدروجين الأخضر بكلفة عالية تتمثل في استنزاف المخزونات المائية واستغلال مساحات شاسعة من الأراضي ليقع تصديره فيما بعد، وارتأوا انه لو تمّ توظيفها في الإنتاج الفلاحي لساهمت في تحقيق الأمن الغذائي.
من جهة أخرى اعتبر بعض النواب أن تركيز محطات تحلية المياه وإعادة المياه المستخلصة إلى البحر يمكن أن تتسبب في الإضرار بالنظام البيئي واختلال التوازن الإيكولوجي.
وتطرّقت عديد التدخلات إلى تعقّد الإجراءات الإدارية والأطر القانونية التي تعيق الحصول على التّراخيص الضرورية لبعث مشاريع إنتاج الطاقات البديلة من قبل المستثمرين التونسيين الخواصّ، إلى جانب صعوبة الحصول على التمويل البنكي رغم الآفاق الربحية الواعدة للقطاع، في مقابل التسهيلات والحوافز التي ترصد للمستثمر الأجنبي.
كما تم التطرق إلى إشكالية محدودية طاقة تخزين الشركة التونسية للكهرباء والغاز وعدم قدرتها على استيعاب الإنتاج الطاقي لمختلف المشاريع المبرمجة التي تفوق بأضعاف مستويات التخزين المتاحة، خصوصا أنها ملزمة بشراء كلّ المنتوج بحسب التعاقدات المبرمة في إطار نظام اللزمات.
وقد بين ممثلو الاتحاد التونسي للصّناعة والتّجارة والصّناعات التقليدية أنّ العديد من الشركات التونسية الخاصة منتصبة في مجال إنتاج الطاقات البديلة وتواجه الكثير من الصّعوبات الإدارية والإجرائية والمالية وقد اكتسبت الخبرة والتجربة، معتبرين أنه حان الوقت لتكريس كل الجهود من أجل الانطلاق الفعلي في إنتاج الطاقات النّظيفة خاصّة أن تونس تتميز بإمكانيات مناخية متنوعة وكفاءات بشرية في مختلف التخصّصات يشهد لها بالحرفية العالية، معربين عن استعدادهم للإسهام في النهوض بالاقتصاد الوطني وتحقيق الاكتفاء الطاقي، مطالبين في ذات الوقت بضرورة إجراء مراجعة معمّقة للتشريعات ونظام التراخيص.
وفي جلستها المسائية استمعت اللجنة إلى ممثلي كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية، الذين لاحظوا أن برنامج الاستثمار في الطاقات البديلة انطلق منذ سنة 2015 غير أن التعطيلات الإدارية والقانونية تعارضت والتوجّه العام للدولة، كما لم يتمّ تشريك مختلف الفاعلين والمتدخلين في القطاع من مؤسسات صناعية وهياكل مهنية وخبراء في حوار جامع للتوصل إلى حلول تشاركية قادرة على تذليل الصعوبات والنهوض بقطاع الطاقات المتجددة.
واعتبروا أنّ دراسة تكلفة الانتاج التي تقدّر حسب الاستثمارات المرصودة في مقابل الأسعار المقترحة لبيع الطاقة المنتجة من الطاقات البديلة غير مجدية خاصة بالنسبة للصّناعيين.
كما لاحظوا غياب الإرادة الفعلية من قبل وزارة الصناعة والمناجم والطاقة لدعم الشركة التونسية للكهرباء والغاز لتخطي الصعوبات التقنية والهيكلية ومواكبة الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة في ظل جملة الالتزامات والتعهّدات التي قطعتها في تعاقداتها مع أصحاب اللزمات من شركات عالمية مقابل عدم مسايرة القدرات الفنية والبشرية لتوسّع مهامها وأدوارها.
وفي باب النقاش العام، أكّد العديد من النواب على ضرورة التعاطي مع الشركات الأجنبية بمزيد الحرص على السيادة الوطنية الطاقية وتثمين ما تزخر به تونس من ميزات مناخية وجغرافية قادرة على المساهمة في النهوض بالاقتصاد والدفع بعجلة التنمية. منبهين إلى عدم الانسياق وراء الإغراءات المالية التي تعرضها الشركات الأجنبية في مجال إنتاج الطاقات البديلة مقابل استغلال مقدرات البلاد من مدخرات مائية وأراض يمكن تثمينها في المجال الفلاحي.
هذا وقد دعا رئيس اللجنة إلى ضرورة جلوس ممثلي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وكنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية مع وزارة الصناعة والمناجم والطاقة على طاولة الحوار لاستخلاص الحلول الكفيلة بتذليل التعطيلات الإدارية والمساواة بين المستثمرين الأجانب والباعثين التونسيين، والتقليص من الهياكل المتعدّدة وتداخل أدوارها مع ضعف مساهمتها في برنامج التحوّل الطاقي.