بقلم القاضي الإداري السابق بوراوي بن عبد الحفيظ يطرح المرسوم […]
بقلم القاضي الإداري السابق بوراوي بن عبد الحفيظ
يطرح المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 المتعلق بتنقيح قانون الانتخابات، إشكالية الاختصاص الترابي في نزاعات الترشحات للانتخابات التشريعية لدى الدوائر الابتدائية للمحكمة الإدارية:
وجاء بهذا المرسوم ما يلي:
“الفصل 27 جديد – يمكن الطّعن في قرارات الهيئة بخصوص الترشّحات من قبل المترشّح المعنيّ أو بقيّة المترشّحين بنفس الدّائرة الانتخابيّة أمام الدّوائر الابتدائيّة المتفرّعة عن المحكمة الإداريّة بالجهات المختصّة ترابيّا، وأمام الدوائر الابتدائيّة للمحكمة الإداريّة بتونس بالنّسبة إلى قرارات الهيئة فيما يتعلّق بالمترشّحين في الدوائر الانتخابيّة بالخارج.
ويتم الطّعن في أجل أقصاه يومان اثنان من تاريخ الإعلام بالقرار أو التعليق، ويُرفع الطّعن بمقتضى عريضة كتابيّة معلّلة مصحوبة بنسخة إلكترونيّة من العريضة وبالمؤيّدات وبما يفيد تبليغها إلى الهيئة والأطراف المشمولة بالطّعن بواسطة عدل تنفيذ.
ويجب أن يتضمّن محضر التّبليغ ما يفيد التنبيه على المعنيّين به بضرورة تقديم ملحوظاتهم مرفقة بما يفيد تبليغها للأطراف في أجل أقصاه يوم جلسة المرافعة المعيّنة من المحكمة. وإلاّ رفض طعنه شكلا. ولا تكون إنابة المحامي وجوبيّة.
الفصل 28 جديد – تتولّى كتابة الدّائرة الابتدائيّة المتفرّعة عن المحكمة الإداريّة المختصّة ترابيّا ترسيم العريضة وإحالتها فورا إلى رئيس الدّائرة الابتدائيّة الذي يعيّن مقرّرا يتولّى التّحقيق في القضيّة تحت إشرافه.
يتولّى رئيس الدّائرة المتعهّدة تعيين جلسة مرافعة في أجل يومين اثنين من تاريخ تقديم الطّعن واستدعاء الأطراف بأيّة وسيلة تترك أثرًا كتابيًّا.
تبتّ الدّائرة في الدّعوى في أجل أقصاه ثلاثة أيّام من تاريخ جلسة المرافعة ويتمّ إعلام الأطراف بالحكم في أجل أقصاه يومين اثنين من تاريخ صدوره بأيّ وسيلة تترك أثرا كتابيًّا.”
والدوائر الإبتدائية للمحكمة الإدارية تنقسم إلى نصفين وهي أولا الدوائر الإبتدائية بمركز المحكمة الإدارية أي بتونس العاصمة و دوائر متفرعة عن ذات المحكمة الإدارية بالجهات و التي أحدثت في نطاق تفعيل الفصل 15 من قانون المحكمة الإدارية و ذلك سنة 2017 بمقتضى أمر حكومي و عددها 12.
أما الدوائر الإبتدائية للمحكمة الإدارية بالمركز أي بتونس العاصمة فبلغ عددها 22 حسب موقع المحكمة الإدارية المحدث أخيرا تحت عنوان ” القضاء الإداري بتونس “
و لا شك أن صياغة الفصل 27 من المرسوم المنقح لقانون الانتخابات المبين أعلاه يطرح إشكالا في توزيع الاختصاص الترابي بين الدوائر الإبتدائية للمحكمة الإدارية فيما يتعلق بنزاعات الترشحات الإنتخابية قد يفضي إلى عدم توازن واضح و إلى بقاء الدوائر الانتخابية لجهة تونس الكبرى دون ارتباط ترابي لدائرة أو دوائر ابتداىية متفرعة عن المحكمة الإدارية بالجهات على المعنى القانوني لهذه الأخيرة باعتبار ان جهة تونس الكبرى ليست مرتبطة ترابيا لتلك الدوائر و إنما بالدوائر المركزية للمحكمة الإدارية أي بتونس و التي خصتها صياغة الفصل 27 جديد بالنظر في الطعون المتعلقة بالترشحات بالنسبة للدوائر الإنتخابية بالخارج.
ودون شك أن هذه الصياغة ستضع المتقاضين و قضاة المحكمة الإدارية في اشكال بالنسبة لمن يرجع الاختصاص الترابي في نزاعات الترشحات الإنتخابية بالدوائر الإنتخابية لتونس أي أمام أي من الدوائر الإبتدائية للمحكمة الإدارية ستقدم الطعون بخصوصها؟
وتجدر الإشارة إلى أن عدد الدوائر الإبتدائية للمحكمة الإدارية بتونس العاصمة أي بالمركز يبلغ 18 و هي النسبة الأكبر من الدوائر الإبتدائية للمحكمة الإدارية باعتبار ان عدد الدوائر الإبتدائية المتفرعة عن المحكمة الإدارية يبلغ 12 فقط و بالتالي يكون عقد الاختصاص للدوائر الإبتدائية للمحكمة بتونس للنظر في نزاعات الترشحات الإنتخابية بالدوائر الإنتخابية المتواجدة بالخارج فحسب من باب غياب المنطق و عدم البحث عن سرعة الفصل في تلك النزاعات في ٱجالها الضيقة جد!
فما الحل إذا و كيف سيتعامل القضاء الإداري إزاء هذه الأشكالية ؟
الفرضيات:
– تنقيح المرسوم بما ينسجم مع واقع توزيع الاختصاص الترابي للدوائر الإبتدائية للمحكمة الإدارية و يضمن تشريك الدوائر الإبتدائية المركزية أي بتونس للنظر في نزاعات الترشحات الإنتخابية بالدوائر الإنتخابية لتونس الكبرى و هي الأكثر نسبة من حيث العدد وان لا يقتصر نظرها على نزاعات الترشحات الإنتخابية بالدوائر الإنتخابية المتواجدة بالخارج و بالتالي يتم تفادي الاشكال و يضمن حسن تنظيم مرجع النظر الترابي للدوائر الإبتدائية للمحكمة الإدارية في نزاعات الترشحات الإنتخابية بما يتوافق و التوزيع الترابي للدوائر الإنتخابية و يمكن من تجاوز أشكال قصر ٱجال البت و لو نظريا و هو أسلم حل .
– تدخل الهيئة العليا للانتخابات بما لها من سلطة ترتيبية في تنظيم العملية الإنتخابية و حسن سيرها بأن تتخذ قرارا بالحاق الدوائر الانتخابية لتونس الكبرى فيما يتعلق بنزاعات الترشحات بالاختصاص الترابي للدوائر الإبتدائية المركزية للمحكمة الإدارية أي بتونس تفاديا للفراغ الذي تركه مرسوم تنقيح القانون الانتخابي بهذا الخصوص و تيسيرا للمتقاضين في الأجواء إلى القضاء الإداري دون أشكال خاصة ان الاختصاص الترابي مثلما هو معروف بهم مصلحة الخصوم و حسن سير القضاء.
– أن يتخذ الرئيس الأول الإدارية يتعلق بتنظيم و تفسير الاختصاص الترابي للدوائر الإبتدائية للمحكمة الإدارية في نزاع الترشحات بأن يعتبر تفسيريا و منطقيا الاختصاص الترابي للدوائر الإبتدائية للمحكمة الإدارية بالمركز أي بتونس ممتدا إلى جهة تونس الكبرى وهو أمر واضح في توزيع الاختصاص الترابي للدوائر الإبتدائية و ذلك بعملية منطقية تنطلق من مسح لتوزيع الاختصاص الترابي للدوائر الإبتدائية المتفرعة عن المحكمة الإدارية بالجهات على النحو الذي سبق احداثها على و تنتهي عند الاستنتاج الجلي بأن جهة تونس الكبرى ترجع للاختصاص الترابي للدوائر الإبتدائية المركزية للمحكمة الإدارية في تونس العاصمة.
– أن يترك أمر الاجتهاد في ذلك إلى القاضي الإداري عند رفع النزاع امامه بما يتماشى و حسن سير القضاء و مصلحة المتقاضين دون أن بنزع ذلك صعوبة الاختيار في لجوء المتقاضين للقضاء الإداري المختص ترابيا فيما يتعلق بنزاعات الترشحات الإنتخابية بالدوائر الإنتخابية لتونس الكبرى أمام غموض النص بل امام عقد مرسوم تنقيح القانون الانتخابي الاختصاص الترابي للدوائر الإبتدائية المركزية للنظر في نزاعات الدوائر الإنتخابية بالخارج دون سواها حسب الصياغة التي جاءت بالفصل 27 منه بما يترك نظريا متقاضي دوائر تونس الكبرى في حيرة كبرى للجوء الى القاضي الإداري المختص ترابيا ضرورية أن القاضي الإداري لا يتعهد تلقائيا بالقضايا و إنما بناء على دعوى ترفع أمامه.
سوف نرى على كل كيف سيعالج هذا الاشكال قانونية و عمليا. و مهما يكن من أمر فإن هذا الاشكال يمثل دليلا واضح على أن صياغة النصوص القانونية ليست عملية بسيط أو منزوية عن تشريك أهل الذكر في الاختصاص المعني و في الحالة المعروضة عن تشريك المحكمة الإدارية صاحب الاختصاص في تلك النزاعات و و صاحب الدراية الدقيقة بإجراءات القيام لديها و لدى دوائرها الابتدائية بمختلف اختصاصاتها ترابيا و موضوعيا.
بقلم بوراوي بن عبد الحفيظ