أكد رئيس حركة النهضة والبرلمان المنحل الشيخ راشد الغنوشي أن […]
أكد رئيس حركة النهضة والبرلمان المنحل الشيخ راشد الغنوشي أن البرلمان لا يعترف بقرار حله من قبل سعيد، ولكنه لا يسعى أيضاً لسحب الثقة منه.
وأوضح الغنوشي بالقول في حوال لصحيفة القدس العربي: “لا تُنتزع شرعية إلا بطرق شرعية. وهذا يصدق على الرئيس قيس سعيد، أي أن يسحب منه البرلمان الثقة، وهذا ليس مطروحاً كسياسة من قبل معارضي سعيد، أو أن يتقدم لانتخابات رئاسية ولا ينال ثقة أغلبية الشعب. ونفس الأمر ينطبق على البرلمان وغيره من مؤسسات الدولة مثل المجلس الأعلى للقضاء أو الهيئة العليا للانتخابات. ويمكن القول إن الطرف الذي ينازع الجميع شرعيتهم هو في الحقيقة قيس سعيد، فالدولة لا تتلخص في منصب الرئيس، بل في كل مؤسساتها التي من المفروض أن تتضامن في إطار القانون المنظم للسلطات”.
وفيما يتعلق بتقييمه لفترة التدابير الاستثنائية الممتدة منذ 8 أشهر، قال الغنوشي: “لقد فشل قيس سعيد وفي وقت وجيز في الإيفاء بوعوده التي قدمها للشعب التونسي وبرر بها انقلابه، وهو اليوم يقود الشعب في اتجاه حالة من اليأس ويقودهم نحو التفرقة والانقسام بين التونسيين، ويقود البلاد قبل ذلك في اتجاه الإفلاس والعزلة عن العالم ومن ثمة ارتهان شعبها وإرادتها للخارج أو دفعها في اتجاه الفوضى بعد أن يفكك كل كياناتها الجماعية”.
وأضاف: “لقد أصبحت تونس محل تقارير مراكز الأبحاث الدولية، بما هي منطقة شديدة المخاطر، وبأنها لا قدر الله مقدمة على حالة فشل للدولة. وبالتالي نعم مشروع قيس سعيد هو خطر على الدولة ليس لأنه يؤسس لنظام دكتاتوري فقط ولكن لأنه يقود إلى انهيار الدولة وتفكيكها وإفلاس الاقتصاد وتفقير المواطنين، وتقسيم المجتمع بإثارة النعرات والكراهية بين أبنائه، وهذا كله سيؤدي إلى وقوع البلاد في الفوضى. وبناء على هذا نعتبر أن ما يقوم به سعيد في تونس هو تهديد للاستقرار وفتح للباب لمزيد المخاطر على الشعب التونسي وعلى الدولة التونسية وعلى الاستقرار في المنطقة عموماً”.
وحول تعديد سعيّد باستبعاد كل من “حاول الانقلاب والعبث بمؤسسات الدولة” من الانتخابات المقبلة، وهو ما اعتبره البعض مقدمة لحل حركة النهضة علق الغنوشي بقوله: “لقد أعلنت في أكثر من مناسبة أن الذي يعطي شهادة الميلاد وشهادة الوفاة لأي حزب سياسي في تونس هو الشعب التونسي وأنه لا خوف على النهضة ما دامت في خدمة شعبها. طريق الإقصاء قصير ومن يدخله سينتهي بإقصاء الجميع وسينتهي لإقصاء نفسه بالضرورة”.
وأضاف: “نحن بلد صغير وعدد سكانه قليل وفي الغالب متجانسون ومندمجون عرقياً وثقافياً، ولا يمكن إقصاء جزء منه دون ضرب كل أعضائه، وليس بيننا ما يبرر أي عداوات ولا ضغائن، والأسلم في حل المشاكل هو العفو والسماحة والتركيز على المستقبل المشترك. أما الإقصاء فقد جربه من كانوا قبله ثم رحلوا وبقينا نحن وبقي الشعب التونسي الذي لن يمل في سعيه في سبيل مستقبل أحسن له ولأبنائه مستقبل للتعايش والحرية والكرامة”.
وأكد الغنوشي أن الفصل 72 من الدستور (الذي اعتمده الرئيس سعيد لتبرير قرار حل البرلمان) لا يخول سعيد احتكار جميع السلطات ولا حل البرلمان “بل يصفه بما هو أي أنه رمز الدولة ولكن هذا الفصل لا يتطرق إلى صلاحيات الرئيس”.
وأضاف: “بنى المشرعون الدستور التونسي على أساس توزيع السلطات، وبناء مؤسسات رقابية مستقلة، وعلى تحصين مؤسسات الدولة واستقرارها وتضامنها. ولذلك فإنه ضيق من إمكانية المس بها وإرباكها تجنباً لأي فراغ مؤسساتي.
وبخصوص البرلمان فإن الحالة الوحيدة التي يمكن بها إعلان حله تكون في حال فشله لمرتين متتاليتين في التصويت على الحكومة، وفي هذه الحالة يبقى المجلس في حالة تصريف أعمال وتتم الدعوة وجوباً لانتخابات في سقف تسعين يوماً”.
واعتبر أن ما يسعى الرئيس للقيام به في خرقه المتكرر للدستور والقوانين المعتمدة والإجراءات المعمول بها هو “هدم مؤسسة أخرى من مؤسسات الدولة وإحداث فراغ مؤسساتي وهو الأمر نفسه الذي قام به أولاً مع الحكومة ومع الهيئة العليا لمقاومة الفساد ثم مع المؤسسة القضائية، فالبرلمان في خطوة ثانية بعد تجميد أعماله بالقوة في مشهد يذكرنا بما فعله يلتسن مع مجلس الدوما، وهو اليوم يعلن حربه على الهيئة العليا للانتخابات باعتزامه التحكم في عضويتها، وهذا مسار نقدر أنه لو سمح له بالتواصل فإنه لن يتوقف حتى يحول الشعب التونسي لمجموعة من الذرات المتناثرة بحيث ينتهي كيان الدولة التونسية لا قدر الله، وانتصاراً للفوضوية”.
وأشار إلى أن “إعلان الرئيس حل البرلمان مثله مثل مراسيمه كلها بداية من أدائه تفعيل الفصل ثمانين من الدستور، كلها إجراءات باطلة ولا شرعية لها إلا شرعية القهر والإكراه. ولذلك فان واجب البرلمان وواجب كل مؤسسات الدولة احترام القانون والدستور وتسعى لاستدامة آخره في الواقع، ومن ذلك أن يحشد البرلمان طاقته للقيام بواجبه إلا أن تمنعه قوة قاهرة”.