لا بدّ من التأكيد أوّلا أنّ الحجر الصحي الشامل هو الإطار الجغرافيّ الذي يحتضن هذا الحوار بين طرفين أرادا التعبير عن إشغال الوقت بأمر ما.
البداية كانت بإقدام بعضهنّ على استبدال لباس النوم بوسادة يتمّ شدّها على مستوى الخصر بحزام أو ما شابه ثمّ يلتقطن صورا يرسلنها إلى الأصدقاء في مواقع الاتصال الاجتماعي، وهي تعبيرة شبابية تجمع بين التحدّي والإبداع أو الابتداع. وحين لاقت الـ”فازة” ـ كما يقولون ـ رواجا أجابتهنّ فتيات أخريات بصور يحتضنّ فيها المصحف الكريم بدلا عن الوسادة وما تخفيه الوسادة (…)
الأمر لا يخلو من طرافة، لكنّه أيضا كالمرآة يعكس خيارات مجتمعية أو فكرية أو سياسية لكتل تكوّن نسيج المجتمع التونسي. والمحصّلة هنا ليست للحكم لفائدة هذا ضدّ ذاك وإنّما هي الاعتراف بأنّ الفراغ السياسي ربّما أو هو القرف من السياسة المنبرية دفع إلى التدافع بالتعبيرات المختلفة في الفضاء الذي يسود المكان والزمان ولم يكن أهل الحلّ والربط منتبهين أصلا إلى وجوده: إنّه الفضاء الافتراضي وهو توأم الفضاء المادي وليس البديل عنه.
اليوم وغدا، لن يبقى هذا الفضاء غائبا عن أهل القرار بعد أن لجؤوا إليه فأنقذهم من ضياع شؤون البلاد والعباد حين برك الفيروس بكلكله علينا… الشباب خبروه قبل الأقل منهم شبابا وهم دائمون على استخدامه، وغدا سيكون له شأن عند الجميع ممّن اختاروا شعار “الوسادة الخالية خليلتي في غرفتي”، ومن رفعوا شعار “قرآني دليلي في وحدتي”.