سألت أمي ذات مرة – يرحمها الله – مداعبا : […]
سألت أمي ذات مرة – يرحمها الله – مداعبا : ‘- هل كنت تحبين أبي يا أمي..؟ لطمت خدي بأناملها الحرير ، ثم نهرتني مبتسمة في استحياء قائلة : – ألا تستحي يا ولد.. بعدها تنهدت بعمق ومرارة وهي تردد : يرحمه الله.. … أمي التي انجبت من أبي ثمانية ( ذكورا واناثا) ، ومات لها اثنان… يعني عشرة ..هل كانت تعرف عيد الحب ، او تاريخ عيد زواجها ، او عيد ميلادها…؟؟ … أمي التي لا تتركنا نأكل حتى يأتي أبي ، وتضع امامه اكبر قطعة لحم..مرددة في هدوء : – كثرة اللحم ، لا نصلح للاطفال ،، انها تُعطّل الذكاء والفطنة. … امي التي لم تتزين يوما بغير الكحل والحناء والمسك المطحون والسواك.. .. امي التي كانت مثلها مثل اغلب الامهات في ذلك الوقت ،، يعرفن جيدا ان الحب تنهيدة الطفولة المحترقة ، واغنية الاعراس عند الطبالين وحكاية ريح عانس مع اغصان اشجار لم تعد تصلح للحقل.. .. وأن العشرة والكلمة الطيبة والأخذ بالخاطر وطاعة الزوج وتربية الاولاد بما ورثت .. أمْتن حبلا.. واقدس عروة ، وأنبل عاطفة ، وأطول عمرا من أحاسيس ومشاعر هذا الجيل التي سرعان ما تفتر وتفور وتذبل على ايقاع هذا الوقت الفاسد الرديء الذي تشابه فيه سَعْد بسَعيد ونَعِيم بنَعِيمة.. والسنابل بالمناجل..! .. أمّا اليوم .. ما حاجتنا الى الحب..؟ ما حاجة السفن الى قراصنة ، والأسماك الى الصيادين… والحرب الى طبولها ومهزوميها…. الحب جمرة تلهو بها بيديك ، فإذا إنطفأت خبّأْتها في القلب… غابة إستوائيّة كالجحيم ،، الدّاخل إليها مولود والخارج مفقود…الحبّ لحظة برق لن تلبث أن تتخلى عنك في ظلام دامس ،، لكنه قلعة محصنة تحميك من الوقت والنّعيق…. وهو لعبة ممتعة تقتضي منك أن تكون أنت، وأن تكون من تُحب…. انه شوْقُ فرْدة حذاء الى أختها، فإذا إختفت إحداها زال معنى وجود الأخرى…. لكنه مجموعة من القوانين المغلوطة التي تحكم النّاس…. وكيف تحبّ العصافير والأرانب..؟ والحيوانات التي تحتوي في ذاتها على أعضاء الذكورة والأنوثة.. هل تزْنى فراشة…ويقتل سنجاب صديقه بفعْل الغيرة ؟؟ لماذا عند بعض الزّواحف تلْتهم الأنثى حبيبها عند العناق..ولماذا تنتحر الدّبابير … يموت ذكور النّحل بعدما ” يحبون ” ملكة النحل….؟!
بقلم : عبد الرؤوف بوفتح.