وطنية: عدّت منظّمة "أنا يقظ"، قرار حل المجالس البلدية، "هدمًا لمسار استثمرت فيه الدولة من أموال دافعي الضرائب بهدف تقليص الهوّة بين المواطن والدولة
قالت منظّمة “أنا يقظ” في بيان صادر عنها ان الرئيس قيس سعيّد “حافظ على عادته في مخالفة القانون” معتبرة انه “استكمل مسار وضع اليد على مؤسسات الجمهوريّة الثانية بإعلانه حلّ المجالس البلديّة المنتخبة” وان ذلك لن يساهم في حلحلة مشاكل المواطنين داعية المجالس البلديّة إلى “الطعن في هذا الإجراء أمام المحكمة الإدارية”.
وفي ما يلي نص البيان:
بيــــــــــــان: الرئيس يستكمل مسار وضع اليد على مؤسسات الجمهوريّة الثانية
عملا بقاعدة “من أمكنه الأكثر أمكنه الأقل”، أعلن السيّد رئيس الجمهوريّة عن حلّ المجالس البلديّة المنتخبة سنة 2018 بنسبة مشاركة 35,6% قبل شهرين من انتهاء المدّة النيابيّة، وعليه يهمّ منظّمة أنا يقظ أن تشير إلى ما يلي:
أوّلا: نثمّن محافظة السيّد رئيس الجمهوريّة على عادته في مخالفة القانون، هذه المرّة بحلّ المجالس البلديّة في كامل تراب الجمهورية في خرق للفصل 204 من مجلّة الجماعات المحليّة الّذي ينصّ على أنّه:” لا يمكن حل المجلس البلدي إلا إذا استحال اعتماد حلول أخرى وبمقتضى أمر حكومي معلّل بعد استشارة المجلس الأعلى للجماعات المحلية وبناء على رأي المحكمة الإدارية العليا ولأسباب تتعلّق بإخلال خطير بالقانون أو بتعطيل واضح لمصالح المتساكنين وذلك بعد الاستماع إلى أعضائه وتمكينهم من حق الدفاع.”
ثانيا: نشير إلى التضارب الصارخ بين القول والفعل من طرف السلطة الّتي تدّعي ارساءها لنظام حكم يعتمد القرب من المواطنين ويعبّر عن “إرادة الشعب” ويكرّس للتميز الإيجابي والتوازن بين الجهات من جهة وهي مبادئ ترتكز عليها اللاّمركزيّة كأسلوب تنظيم إداري، وفي نفس الوقت نجد جهة أخذ القرار تسعى إلى تركيز كلّ السلط بين يدي الرئيس وصار ذاك ” اّلذي يعرض مشروعا وكأنّه يعرض بضاعة في موسم التخفيض وينادي «ايجاو اشروا من عندي»” على حدّ تعبير أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد سنة 2013، حيث جاء قرار الرئيس قبل شهرين من انتهاء المدّة النيابية للمجالس البلديّة الحاليّة فقط لتعويضها بمشروعه الخاصّ المعروف “البناء القاعدي” والّذي لا يمثّل شيئا سوى نسخة مشوّهة و أكثر تعقيدا من التنظيم اللاّمركزي،
ثالثا: يعتبر هذا القرار هدما لمسار انطلق منذ خمس سنوات استثمرت فيه الدولة من أموال دافعي الضرائب بهدف تقليص الهوّة بين المواطن والدولة وتقريب الخدمات منه عملا بمبدأ التفريع، خاصّة كون تعثّر مسار اللاّمركزيّة الّذي لا ننكر هناته ونقائصه الّتي ترجع في جانب كبير منها إلى تقصير المركز في دعم واستكمال مسار اللاّمركزيّة من ذلك امتناع رؤساء الحكومات المتعاقبة منذ 2018 إلى اليوم عن إصدار الأوامر التطبيقيّة لمجلّة الجماعات المحليّة حيث أنّ تطبيق جزء من أحكامها متوقّف على إصدار 27 أمر حكومي من أصل 38 تقاعست رئيسة حكومة الرئيس نجلاء بودن عن إصدارها والحال أنّها جاءت للقطع مع ممارسات “العشريّة السوداء”،
ونذكّر أنّه ومنذ صدور الأمر الرئاسي عدد 197 في 23 نوفمبر 2021 الّذي يتعلق بحذف وزارة الشؤون المحلية وإحالة مشمولاتها وإلحاق هياكلها المركزية والجهوية بوزارة الداخلية، أصبح السيّد وزير الدّاخليّة مشرفا على الجماعات المحليّة وعلى صندوق دعم اللاّمركزيّة ونتساءل مالّذي قدّمه السيّد توفيق شرف الّذين للشؤون المحليّة في هذه الفترة؟
رابعا: تدعو منظّمة أنا يقظ المجالس البلديّة إلى الطعن في هذا الإجراء أمام المحكمة الإداريّة عملا بأحكام الفصل 204 من مجلّة الجماعات المحليّة الّذي ينصّ على أنّه “يمكن لرئيس الجماعة أو لثلث أعضاء المجلس الطعن في قرارات الإيقاف أو الحل أمام المحكمة الإدارية الابتدائية المختصة. وللمعنيين طلب توقيف تنفيذ القرارات المذكورة في أجل خمسة أيام من تاريخ إعلامهم بالقرارات.”
خامسا: تدعو السّادة رؤساء المحاكم الإدارية خاصّة إلى احترام آجال البتّ في مطالب توقيف التنفيذ المذكورة إذ عليه أن ” يبتّ ..في مطلب توقيف التنفيذ في أجل لا يتجاوز عشرة أيام من تاريخ تقديم المطلب.” وقضاة المحكمة الإداريّة عامّة إلى القيام بدورهم في ضمان مشروعية أعمال السلطة ووضع حدّ للعبث التشريعي الّذي دمّر مبادئ الأمان القانوني حتى ماعادت للنصوص قيمة ونذكرهم بأنّهم المحكمة الّتي طالما كانت صمام الأمان زمن الديكتاتوريّة وأنّه لمن العار أن تتحوّل المحكمة الإداريّة إلى محكمة الإدارة.
ختــــــــــــــاما، إنّ حلّ المجالس البلديّة ليس حلاّ لمشاكل المواطنين على المستوى المحليّ كما لم يكن حلّ الهياكل والمؤسسات الأخرى حلاّ للمعضلات على المستوى الوطني، بل إنّ هذه القرارات تأتي من قبيل استعراض السيّد الرئيس لسلطته وتكريسه شيئا فشيئا لسياسة التعيين والولاءات على جميع الأصعدة والمستويات، في ظلّ فشله في مجابهة التحديّات الحقيقيّة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.