يعيش العالم على وقع موجات تتالى وهبّات جامحة لفيروس لا يشبع ولا يتعب ولا يكتفي. وفي ركن آمن نوعا ما، جلسنا نرتاح من تبعات معركة شرسة كانت كالحرب الخاطفة أحسنّا التعامل معها.
تنفسنا الصعداء لأيّام لم تطل بما أنّ من حقّ مواطنينا العالقين في كل أنحاء الكوكب المحتلّ بعدوّ خبيث، من حقّهم العودة إلى دار الأمان مع ما يتطلب ذلك من احتياطات وحزم، وكانت مصالح التقصّي الطبية تتولى هذه المهمّة الدقيقة بنجاح كبير، حتّى أطلّت علينا موجة ارتدادية ليست من قبيل الموجة التي تعاني منها بلدان أخرى، بل هي موجة جانبية قد تكون خطيرة لو نغفل فيها لحظة… دعوني أسمّيها موجة كورونا الحارقة وأبيّن ذلك لكم.
في حالات بدت معزولة، كان بعض المواطنين الأفارقة يتسلّلون في مجموعات صغيرة من من الجارتين الجزائر وليبيا، وكان القانون بالمرصاد: السجن لغير المصابين، والحجر الصحّي للمصابين هو القاعدة كما يملي ذلك البروتوكول الصحي. لكن بعد تلك البداية المحتشمة، بلغ عدد الأفارقة المتسللين بضعة عشرات، وتجرّا العديد منهم على الهرب من الإيقاف وكان آخر الحوادث المسجلة هروب أحدهم من سيارة إسعاف (مثله مثل تونسية كانت معه في نفس العربة) وهما في الطريق إلى مركز الحجر الصحي بالمنستير. وقد تمّ القبض على الهاربين قبل أن يتسببا في كارثة.
هذه ملامح موجة كورونا الحارقة التي جعلت بلادنا محطّ من يهرب من الجائحة ليزرع فينا مثلها، ويحلم بعد ذلك بالسفر إلى “بلاد الأحلام” إيطاليا، وندفع نحن ثمن جرأتهم وإجرامهم في حقّ بلاد تعبت لتروّض الفيروس، وتفرض على أبنائها التكفل باختبار PCR على حسابهم، وبإقامتهم في الحجر الإجباري على حسابهم إن لزم الأمر.