بقلم: حافظ الغريبي مشهد سريالي تكرر هذه الأيام مع حكومة […]
بقلم: حافظ الغريبي
مشهد سريالي تكرر هذه الأيام مع حكومة نجلاء بودن، فبعد إعفاء المكلفة بالإعلام والاتصال برئاسة الحكومة ساعات بعد تعيينها وتسلمها مهامها نفاجأ اليوم بإعفاء ياسر مصباح من مهامه كناطق رسمي بوزارة الداخلية الذي أمضى 5 أسابيع لم ينطق فيها بل كان يتأوه فقط من خلال ما نلمسه من كتاباته على حائط صفحته بالفايسبوك.
وقبل تشكيل حكومة بودن شاهدنا إعلام بعض المكلفين بالاتصال بإعفائهم عبر الرائد الرسمي وهم الذين كانوا يتباهون ان خيوط تواصلهم بقصر قرطاج كانت متينة في دلالة واضحة ان ماكينة القصر لا تقبل قطع الغيار المزيفة….
وفي باب الإقالات والاستقالات شاهدنا على امتداد سنة ونصف السنة الكثير من الدخول والخروج على دائرة الاعلام برئاسة الجمهورية بشكل مفاجئ ينم عن عدم انسجام داخل نفس الجسم بين مهني الاعلام وبين إدارة القصر في الوقت الذي تعددت فيه الأخطاء الاتصالية بشكل مفزع ينمّ عن غياب المهنية.
وفي باب الإعفاءات التي لا تحترم فيها الذات البشرية شاهدنا ما حدث لوزيرة الشباب والرياضة بالنيابة سهام العيادي التي كانت تدير اجتماعا لاحظت خلالها همسا وتململا غير واضح لتكتشف لاحقا أن أمرا عليّا صدر بإقالتها دون إعلامها ونفس الأمر للولاة وللبعض كبار المسؤولين تكرر.
مثل هذه التصرفات حدثت في ظل حكومات سابقة وفي ظل رئاسات سابقة لكن يبدو أن نسقها احتد الأشهر الأخيرة بما يوحي وكأن عهد الدولة التي تحترم أبناءها ولى ليترك مكانه لعهد آخر أضحى فيه المسؤول الحكومي يتحوّل الى مكتبه كل صباح واستقالته بجيبه علّه يسبق قرار اعفائه فيخرج من الباب الكبير.
نحن لا نجادل هرم السلطة ولا أي مسؤول في اختيار الفريق الذي يعمل معه ولا في عزل من يتقاعس أو لا يقوم بواجبه لكن الأفضل أن يكون ذلك في كنف الاحترام والتقدير لأن إذا ما تواصل الحال على ما هو عليه فإنه سيصعب العثور على الكفاءات وستعجّ الدولة بالولاءات التي تعيدنا للعصور الغابرة.
ألم يقل ابن خلدون في مقدمته الشهيرة أن السبب الثاني لسقوط الدول بعد الترف هو الاستبداد و”الانفراد بالمجد” فالمستبد سرعان ما يبدأ في “جدع أنوف عشيرته وذوي قُرباه المقاسِمين له في اسم الملك، فيستبد في جدع أنوفهم أكثر مِن سواهم لمكانهم من الملك والعز والغلب”، وأن التخلص من المقربين وفق العلامة ابن خلدون مدعاة للقلق والخوف على مستقبل الحكم واستمرار العرش، وهو ما يدفع إلى قطع رؤوس مخالفيه، والحط من مكانتهم، والاستهزاء بهم، وإقصائهم بكل وسيلة ليبقى وحده دون منازع.
ختاما أحيلكم لما قاله أجدادنا ذات يوم وحديثنا قياس ” البخت مايل والزهر ماعندي ..الي نزرعو تفاح يطلعلي هندي”.
حافظ الغريبي