طبعا لا يمكن أن نستسيغ الفكرة لأنّنا لا نؤمن بتناسخ الأرواح مثل الهندوس والبوذيين، كيف تفسّرون ولادة العصر “الكوروني” او “الكوفيدي” الحديث من الصين، ثمّ انطلاق الحرب على الرأسمالية المتوحشة من موطن الماوية التي تبلورت كقراءة متجاوزة للفكر الماركسي وتجربة البلشفية.
هل يعقل هذا؟ هل جاء كورونا لينتقم ممّن خانوا الثورة الثقافية الماوية؟ هل هذا الفيروس شيوعيّ راديكالي لا يساوم مع “أعداء الشعب الكادح”؟ هل تعلمون أن الزعيم الصيني مولود في إقليم هونان المجاور لإقليم هوبي وعاصمته ووهان؟
لا… هذا مجرّد هذر ومحض ثرثرة… حتّى وإن كان الفيروس قد أطبق على عنق أباطرة المال والأعمال في كلّ شبر من هذا الكوكب… حتّى وإن طأطأ السادة رؤوسهم وأقرّوا بعجزهم التام وأفلتوا الزمام من أيديهم… حتّى وإن خسروا ما بنوه على مدى تسعين سنة، منذ أزمة 1929 وإلى نهاية 2019…
لا… هذا تصوّر مغلوط، ومن اعتبر فيروس كورونا نصير البيئة والوحيد الذي فرض على الجميع تطبيق اتفاقية ريو دي جانيرو حول التغييرات المناخية 1992، وسمح لطبقة الأوزون أن تتنفس فإنّ هذا الادعاء باطل أصلا، والأفضل أن يطمس ويستأصل قبل أن يأخذه البعض مأخذ الجدّ لّأنّ كوفيد هذا مزدوج الشخصية إذ يراوح بين السادّية والجذوة الإرهابية المتعطشة للقتل والإرهاب، وبين طهورية غريبة تدّعي المباعدة بين الناس وجرّهم إلى التخلّي عن الحرارة في العلاقات اليومية والحميمية… حرصا عليهم.
صحيح أنّ عشرات الملايين، بل قل مئات الملايين من المستضعفين في الأرض تفاجؤوا بحبّ يغمرهم من سادة المال، وقرؤوا عن نظريات مثالية تريد أن تؤسس لعالم متضامن متماسك، ورؤوا بأمّ أعينهم مليارات الدولارات تسكب عليهم سكبا، لكنّ ذلك ليس بالضرورة خوفا من الفيروس المتسلط.
أيّ حلم مزعج هذا وأيّ تفسير متطرّف له ! سأصرف النظر عن كلّ ما قدّمت في الأسطر السابقة وأرجوكم أن تمحوا ما قرأتم محوا، وأرجوكم لا تنشروه بين معارفكم فأنا تبرّأت ممّا اقترف لساني… إنّه من تأثير الحجر الصحّي، وهذا الفيروس عدوّ للجميع، ولحسن الحظ أنّنا لا نؤمن بتناسخ الأرواح.