أدت الحرب في أوكرانيا إلى اضطراب كبير في سلاسل التوريد […]
أدت الحرب في أوكرانيا إلى اضطراب كبير في سلاسل التوريد وفي ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب ما أدى الى التأثير على العديد من القطاعات، أهمها القطاع الفلاحي، حيث تعتبر روسيا وأوكرانيا من أبرز منتجي المواد الأساسية، على غرار القمح والشعير والذرة وعباد الشمس وفق تحليل لإستبيان نشره كل من المعهد العربي لرؤساء المؤسسات والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
تُعتبر روسيا المصدر الأول للحبوب في العالم، وأوكرانيا المصدر الرابع للذرة في العالم، والخامس للقمح والثالث للشعير، والأول لزيت عباد الشمس.
وقد أثر الصراع بين العملاقين في عالم الحبوب والبذور الزيتية على جميع جوانب الفلاحة في أوكرانيا، كما أدى إلى تباطؤ الصادرات من روسيا.
- وضعية قطاع الألبان:
تمرّ حلقة إنتاج الحليب منذ سنة 2020، بوضعية خطيرة تهدّد بانهيار لجميع حلقات المنظومة، إنتاجا وتجميعا وتصنيعا، وترجع أسباب هذه الوضعية الحرجة إلى ارتفاع كلفة الإنتاج الناجمة عن ارتفاع أسعار الأعلاف المركبة، والأعلاف الخشنة، حيث تواصل أسعار الأعلاف المركبة الصعود، متأثرة بأسعار مادتي “فيتورة الصوجا” و”حبوب الذرة” في السوق العالمية، بالإضافة إلى تراجع سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية.
وبلغ معدل سعر الذرة الامريكية 1082 دينار للطن الواحد، ليسجل ارتفاعا بـ 1,5% مقارنة بشهر مارس 2022، وبزيادة 43% عن سعرها في مارس 2021.
وسجل معدل سعر “الصوجا” في السوق العالمية تراجعا بنسبة 5% مقارنة بشهر مارس 2022، ليبلغ 1933 دينار للطن الواحد وارتفاعا بـ 32% عن مستوى سعرها في مارس 2022.
كما أن نقص تزويد البلاد من مادة الشعير العلفي من قبل ديوان الحبوب، انعكس سلبا على سعر العلف المركب، حيث دفع هذا النقص مصانع الأعلاف إلى تعويض مادة الشعير العلفي بمادة حبوب الذرة في تركيبة الأعلاف المركبة، وهو ما يفسر الزيادات المتتالية خلال شهري جانفي وفيفري 2022 (55 د للطن الواحد).
وتشهد أسعار العلف المركب ارتفاعا لافتا، حيث ارتفع السعر في أكثر من 8 مناسبات خلال الفترة المتراوحة بين أفريل 2021 وهو تاريخ آخر تحيين لسعر الحليب حيث تمّ ضبطه في حدود 1140 مليم/لتر على مستوى الإنتاج وفيفري 2022 وبلغت الزيادة 160 د/طن.
وتم بتاريخ 5 ماي2022 إقرار زيادة في أسعار العلف المركب ليتجاوز 1600 د/طن أي زيادة بـ 300 دينار للطن الواحد لتعلن وزارة التجارة في بلاغ صادر لها بتاريخ 16 ماي 2022 تجميد الزيادات المسجلة في أسعار الأعلاف خلال شهر ماي 2022 وتحديد أسعار بيع العلف المركب في حدود المستويات المطبقة لكل مؤسسة قبل الزيادات الأخيرة.
المصدر: الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري
ويعدّ سعر العلف المركب العامل الأكثر تأثيرا في كلفة إنتاج الحليب، كما يمثل أحد عناصر احتساب مؤشر المردودية الاقتصادية لإنتاج الحليب المعتمد في أغلب بلدان العالم.
وفي هذا الإطار قام المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، بالتعاون مع الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، بإجراء استبيان حول تأثير الصراع الروسي الأوكراني على القطاع الفلاحي مع عدد من المربين في العديد من الجهات التونسية، وفي هذه الورقة الأولى، نتطرق إلى تأثير الصراع على قطاع الألبان.
- نتائج الاستبيان
كنتيجة مباشرة لغلاء أسعار الأعلاف، اضطر 56 % من الفلاحين المستجوبين إلى بيع جزء من القطيع، وذلك في محاولة لتغطية حاجيات ما تبقى من القطيع، ومن جهة أخرى أكد ثلثي الفلاحين المستجوبين مباشرتهم لعملية تخزين الأعلاف.
أما فيما يتعلق بتسعيرة الحليب على مستوى الإنتاج، فإنها لم تواكب ارتفاع عناصر الكلفة، وحتى التعديل الذي شهدته التسعيرة بداية شهر أفريل 2021، بزيادة 100 مليم/ لتر، ليصل السعر عند المربي إلى 1140 مليم/لتر، هو سعر لا يمكّن المربين من تغطية كلفة الإنتاج المقدرة بحوالي 1600مليم/لتر عند الإنتاج أي بفارق (460 مليم/اللتر)
وفي حال لم يتم تجميد الزيادات الأخيرة في سعر الأعلاف المركبة فإن كلفة الإنتاج حسب الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري ستبلغ 1855 مليم/لتر أي بفارق يقدر بـ 715 مليم/لتر وهو ما يزيد من هامش الخسارة للمربين.
ونجم عن ضعف المردودية الاقتصادية لقطاع إنتاج الحليب، عزوف المربين عن مواصلة النشاط وتراجع الاستثمار في هذا القطاع، خاصة بالمناطق الملائمة للتربية وإنتاج الأعلاف الخضراء، ويُصنّف قطاع تربية الأبقار الحلوب ضمن الفلاحة العائلية الصغرى، حيث يمتلك 94% من جملة المربين أقل من 10 وحدات أنثوية، ويتواجدون بمساحات محدودة، بالإضافة إلى ضعف إمكانياتهم المادية.
التوجهات الاستراتيجية للفلاحين
رغم الأزمة التي يمر بها قطاع الألبان، فإن 32%من الفلاحين الذين شملهم الاستبيان يرغبون في الترفيع في قدرتهم الإنتاجية في الفترة المقبلة، مقابل 11% يفضلون المحافظة على قدرتهم الإنتاجية الحالية، بينما أكد 11% تقليصهم التدريجي في قدرتهم الإنتاجية، بسبب ضعف المردودية الاقتصادية للقطاع، فيما يخطط 21% لتنويع الإنتاج، عبر إضافة منظومات فلاحية أكثر ربحية، ومن أبرز التوجهات الأخرى للفلاحين، إنتاج الأعلاف للتحكم في الكلفة.
نقص الحليب في الأسواق
90% من الفلاحين يتوقعون تسجيل نقص في مادة الحليب في الأسواق خلال الفترة المقبلة، 20% منهم يعتقدون أن هذا النقص سيُسجل في شهر جويلية 2022(فترة عيد الإضحى)، و60% في شهر سبتمبر، و20% في نهاية السنة.
- المقترحات لمواجهة ارتفاع أسعار الأعلاف المركبة والخشنة وتطوير منظومة الألبان:
- التعجيل بتطبيق ديناميكية الأسعار، والترفيع في سعر لتر الحليب عند الإنتاج من 1140 مليم إلى 1460 مليم، وذلك للحفاظ على جهاز الإنتاج وتثبيت المربين بمناطق النشاط.
- دعم الأعلاف المركبة والتأكيد على مراقبة جودتها وأسعارها.
- الترفيع في منحة نقل الأعلاف الخشنة من مناطق الإنتاج إلى ولايات الوسط والجنوب.
- تفعيل ميثاق الشراكة بين المهنة والحكومة للنهوض بمنظومة الألبان.
- تفعيل اللجان الفنية المشتركة لمتابعة جودة الأعلاف، ونشر نتائج التحاليل المنجزة من طرف مخبر الأعلاف.
- تخصيص نسبة من التمويل المخصص للاقتصاد الاجتماعي والتضامني للشركات التعاونية للتزود بالأعلاف وخزنها.
- إلزام المطاحن بتوجيه كامل كمية “السدّاري” المنتجة إلى الفلاح، مع وجوب قيام أصحاب المصانع بتوريد حاجياتهم من المواد الأولية (شعير وسدّاري).
- التقليص في عدد الوسطاء في توزيع الأعلاف المدعمة وتشريك المنظمة الفلاحية في مراقبة توزيعها.
- إنجاز عقود إنتاج بين ديوان الأراضي الدولية ووحدات الإنتاج الفلاحي والشركات التعاونية حول إنتاج الأعلاف لفائدة منخرطي هذه الشركات.
- إحداث خط تمويل لشراء الأعلاف الخشنة خلال فترة الإنتاج على أن تُعطى الأولوية في التمويل لعقود الانتاج.
- دعم وحدات تثمين المخلّفات الزراعية داخل المستغلات الفلاحية بـ 90% من الكلفة، للحدّ من الإهدار وتخزين هذه المخلفات بالضيعات الفلاحية.